35 عاما من الردة

17 ديسمبر, 2022 09:52 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة

رام الله-ونحن نحث الخطى لترجمة اتفاقات المصالحة عموما، وآخرها اعلان الجزائر الصادر في أواسط تشرين 1 / أكتوبر 2022، وحيث تعقد الفصائل الفلسطينية في هذه الاثناء اللقاء مع القيادة الجزائرية لوضع اليات لتنفيذ المصالحة، ومن باب التمسك والحرص على الوحدة الوطنية، وانهاء صفحة الانقلاب الأسود، الذي مضى عليه 15 عاما، هي الأسوأ في تاريخ الشعب العربي الفلسطيني، وتوازي بأخطارها عام النكبة في 1948، لما احدثته من انعكاسات دامية وخطيرة على مستقبل وحدة ومصير الشعب والقضية الوطنية. تفرض الضرورة ابراز تلك الاخطار وتداعياتها على المجتمع الفلسطيني برمته، وعلى أبناء محافظات الجنوب خصوصا، والرد على ادعاء قيادات فرع جماعة الاخوان المسلمين في غزة، الذين تحدثوا عن "إنجازات الانقلاب"، التي لا أساس لها في الواقع، وبهدف أولا تحفيز كل صاحب ضمير للاندفاع نحو الوحدة، ووقف حالة التشظي؛ ثانيا إعادة الاعتبار للشراكة السياسية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد؛ ثالثا تعزيز عوامل الصمود والتصدي للفاشية الصهيونية واسيادها في الغرب الرأسمالي وخاصة الولايات المتحدة؛ رابعا وضع الخطط والسيناريوهات الوطنية لحماية الحقوق السياسية والقانونية والاهداف والثوابت الوطنية في ظل المتغيرات الدولية الراهنة والمستقبلية.
ولا انطلق في محاكاة سنوات الانقلاب الحمساوي الخمسة عشر على الشرعية من باب نكْ الجراح، وانما لتصويب الحقائق، وتذكير الشعب بكل اطيافه، ان مجرد وجود فكرة للانقلاب على الشرعية الوطنية، ولاستهداف م. ت. ف، ووحدة الأرض والشعب هو خطيئة تاريخية، ويتنافى مع اس وجذر الهوية الوطنية، ولا يتوافق نهائيا مع أي من مرتكزات الكفاح الوطني التحرري، لا بل انه على النقيض الكلي والمطلق مع ذلك.
دون إطالة في أهمية الوحدة والحاجة اليها، ومن زاوية أخرى اخطار الانقلاب على الشرعية أواسط عام 2007 في محافظات الجنوب، وحرصا على الحقيقة، فإني ادون هنا ابرز عوامل الردة الاخوانية على القضية والمشروع الوطني، منها: أولا ان خيار الانقلاب وتمزيق وحدة الشعب العربي الفلسطيني كانت ومازالت هدفا استراتيجيا للعدو الصهيو أميركي، وهي من غذته مع حلفائها في الإقليم، وطرح هذا الخيار في أروقة مراكز البحث الإسرائيلية عام 1988، ومنها مركز "جافا" الصهيوني. أي قبل الانقلاب بعقد من الزمن، وهذا ما أكده نتنياهو، رئيس الحكومة المكلف مرات عدة؛ ثانيا احدث الانقلاب شرخا سياسيا وقانونيا وثقافيا عموديا وافقيا، وترك بصمات سلبية حادة ومميتة على مستقبل القضية ووحدة الشعب وممثله الشرعي والوحيد. لا سيما وان حركة حماس سعت ومازالت حتى الان، رغم انها مشاركة أيضا الان في حوارات الجزائر تسعى لتشكيل اطار مواز للمنظمة، وهذا يتنافى مع ابرز محددات الوحدة؛ ثالثا ساهم الانقلاب بشكل مباشر في أيامه الأولى باغتيال وقتل وجرح قرابة الالف مواطن، وقامت باعتقال المئات والالاف من منتسبي حركة فتح والأجهزة الأمنية؛ ثالثا انقلبت على الدستور (النظام الأساسي) وضربت بعرض الحائط النواظم القانونية للنظام السياسي التعددي الديمقراطي، ومازالت تسن التشريعات المتناقضة والانقلابية على النظام الأساسي لتثبيت ركائز انقلابها اللا شرعي والمتناقض مع الف باء الوطنية الفلسطينية؛ رابعا ساهم الانقلاب مباشرة بدفع 12% من سكان قطاع غزة للهجرة خلال الأعوام ال15 الماضية؛ خامسا أدى الانقلاب وسياسات حركة حماس البوليسية القمعية الى اجبار 17 الف مواطن فلسطيني على الهجرة من القطاع حتى الان؛ سادسا نجم عن الانقلاب اكبر نسبة بطالة في تاريخ الشعب الفلسطيني، والتي وصلت في محافظات الجنوب الى 75% من اليد العاملة. والزج بحوالي 80% من السكان تحت خط الفقر. ومعاناة ما يزيد عن 65% من أبناء الشعب في القطاع من انعدام الامن الغذائي، وساهم أيضا بالقاء 360 مواطنا من عام 2014 الى الان في متاهة الموت في أعالي البحار؛ سابعا ضاعف الانقلاب من حالات الانتحار في أوساط السكان، وخاصة بين فئة الشباب من الجنسين، وانتشار ظواهر خطيرة مثل التجارة بالمخدرات، وتفشيها داخل المجتمع، بالاضافة للدعارة وسفاح المحارم والسرقة واللصوصية والاغتصاب، وانتشار مظاهر الفساد باشكاله والوانه المختلفة، ونهب جيوب الشعب عبر الضرائب المتوالدة كالفطر حتى عمقت من افقار السكان؛ ثامنا انتفاء كلي للديمقراطية وحرية الرأي والرأي الاخر، وممارسة الاضطهاد على المرأة، وسن قوانين معادية لحقوقها الدنيا، وفرض الجلباب والحجاب على النساء وما يسمى عدم الاختلاط بين الجنسين؛ تاسعا ورط الانقلابيون الشعب بخمسة حروب متعاقبة حتى الان، مما أدى الى استشهاد المئات والاف الجرحى، وتدمير البنى التحتية، وخلق جيش من أصحاب الاعاقات نتاج سياساته واجنداته الفئوية، التي لا علاقة لها بحق العودة، ولا بالنضال الوطني، ومازالت حتى الان المئات من العائلات بلا مأوى ... الخ من الخطايا وعناوين الردة المميتة.
مع ذلك، يقول الكل الوطني، تعالوا الى جادة الصواب، الى بيت الوطنية الفلسطينية، منظمة التحرير وعلى أرضية الشراكة السياسية وفق برنامج الاجماع الوطني، وبعد اجراء الانتخابات على كافة الصعد الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني الجديد، ودون استئثار او تجاوز لحقوق أي قوة او شخصية وطنية مستقلة لنصفع العدو الصهيوني على وجهه، ان كنتم جادون ومعنيون بالوحدة الوطنية، كما جاء في كلمة رئيس الحركة إسماعيل هنية من الدوحة التي القاها بذكرى الانطلاقة ال35 للحركة يوم الثلاثاء الماضي الموافق 13 /12 الحالي. الباب الوطني لم يغلق في لحظة من اللحظات، رغم الجراح والمآسي التي سببها الانقلاب الأسود، وعليكم ان تتوطنوا في المشروع الوطني، وتبتعدوا عن اجندة الاخوان المسلمين، ان كنتم صادقين في تصريحاتكم وخطاباتكم المتكررة. وهذه ليست شروطا بقدر ما تمثل مرتكزات للوطنية الفلسطينية. لا سيما وان اجندة التنظيم الدولي للاخوان المسلمين تتنافى مع روح الوطنية الفلسطينية والقومية العربية. وتذكروا ان لا مستقبل لحركتكم، ولا لاي حركة او فصيل خارج البيت الوطني الفلسطيني مهما سيطرتم على قطاع غزة.
[email protected]
[email protected]

مواضيع ذات صلة

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار