وعد بلفور وبايدن ونحن

02 نوفمبر, 2022 09:10 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة

رام الله -لا يجوز ان تمر ذكرى الوعد المشؤوم دون التوقف امامها، وتذكير العالم اجمع بها، وباخطارها، وما حملته من ويلات للشعب العربي الفلسطيني حتى يومنا هذا، وعلاقتها بالتطورات الجارية على ارض الواقع، وخاصة لجهة تأكيد حقيقة ناظمة لمسار وصيرورة مشروع الدولة الصهيونية الكولونيالية، التي تعمل بدعم واسناد من الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي على تنفيذ الوعد وصك الانتداب البريطاني الأميركي، الذي تبنته عصبة الأمم في تموز / يوليو 1922، وطبقته بالخطوة الأولى هيئة الأمم المتحدة القائمة حاليا، ويعمل اباطرة رأس المال المالي من خلال الولايات المتحدة وباقي المنظومة الغربية على ديمومته حتى تصفية القضية الوطنية، وتبديد عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، ان قدر لهم ذلك، ولم تتغير الخارطة الإقليمية والدولية.
اليوم الأربعاء تحل الذكرى ال105 لوعد وزير خارجية بريطانيا، ارثر جيمس بلفور الصادر في الثاني من نوفمبر 1917، الذي قطع وعدا لقادة الحركة الصهيونية، التي انتجها الغرب الرأسمالي بإقامة "وطن قومي في فلسطين العربية لليهود". وكما اشرت أعلاه لتكريس الخطوة الاستعمارية، التي جاءت تكريسا لاتفاقية سايكس بيكو 1916، وما سبقها في مؤتمر كامبل نبرمان، وما تلاها في مؤتمر سان ريمو، ثم تعميمه واضفاء الصبغة العالمية عليه، مع مصادقة العصبة، وتنفيذه في العام 1948 عبر الهيئة الأممية الجديدة، التي تشكلت عام 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية.
والقديم الجديد في المشروع الصهيوني تصريحات ومواقف الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، الذي يواصل اعلان مواقفه بوقاحة المستعمر، واداة الدولة العميقة في واشنطن والحكومة الدولية والعائلات اليهودية الصهيونية القابضة والمهيمنة على صندوق المال المالي العالمي، وتتحكم في رسم السياسات في اصقاع الكرة الارضية حتى اللحظة المعاشة، بالتأكيد على مقولته المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني، مفادها ما كرره الأسبوع الماضي عندما استقبل الرئيس الإسرائيلي، هرتسوغ في البيت الأبيض "انه لو لم تكن إسرائيل موجودة لقام هو بانشائها." قال ذلك عندما كان نائبا للرئيس باراك أوباما من 2008حتى مطلع العام 2017 وحتى اثناء حملته الانتخابية للرئاسة عام 2019 وبعد توليه الرئاسة.
ماذا يعني ذلك؟ أولا ان زعيمة الغرب الرأسمالي ومعها كل حلفائها في حلف الناتو يقفون صفا واحدا خلف دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية؛ ثانيا وهم جميعا من يحميها من الملاحقة والمساءلة الأممية، ويعطونها الضوء الأخضر لمواصلة جرائم حربها ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني خصوصا ودول الوطن العربي عموما؛ ثالثا هم من يدعمها بالسلاح والمال لتحقيق اجندة الغرب الرأسمالي وسادته في الحكومة العالمية؛ رابعا هم من يعطلوا بناء جسور السلام، ويعملون عن سابق تصميم وإصرار على تبديده، وتصريح ساكن البيت الأبيض يؤكد هذه الحقيقة؛ خامسا النتيجة العدو الحقيقي للشعب العربي الفلسطيني وشعوب الامة، هي الولايات المتحدة والغرب الانكلو سكسوني والفرانكوفوني، وما دولة التطهير العرقي الصهيونية الا أداة التنفيذ لجريمة العصر المتواصلة منذ ما يقارب ال150 عاما، أي مع بناء اول مستعمرة صهيونية في قرية الخالصة الفلسطينية عام 1882.
هذه الحقائق يفترض تعميمها، ووضعها كلازمة امام أي سياسي وديبلوماسي ومثقف واعلامي واقتصادي وقانوني فلسطيني وعربي لينطلق منها في محاكاة المشروع الصهيوني، وحتى لا تبقى تلك النخب غارقة في حالة التيه والطيش السياسي، وتعيد تركيب المعادلة السياسية الكولونيالية، وايقافها على اقدامها، وتكف عن الفصل التعسفي والميكانيكي بين جرائم إسرائيل واسيادها في البيت الأبيض. وليدرك الجميع الفلسطيني والعربي حقيقة راسخة، ان رئاسة الولايات المتحدة، او أي دولة غربية أوروبية مستحيل الجلوس فيها لغير الصهاينة او المتصهينين، ان لم يكن المرشح وقع على ورقة بيضاء امام اباطرة رأس المال العالمي بتنفيذ المشروع الصهيوني بحذافيره، والعمل على تطويره وتوسيع مدياته وفق مصالحهم. وفي حال وصل شخصا لاي موقع قيادي في الغرب عموما وشذ عن القاعدة، أولا تتم عمليه تشويهه، وخلق الازمات له؛ ثانيا اغتياله وشطبه كليا من الموقع الذي تولاه؛ ثالثا إيجاد البديل عنه وفق معاييرهم.
لكن هذه المعادلة قد تتغير في الاجال القريبة مع ما يشهده العالم من حالة سيولة من تحولات دراماتيكية جارية على الأرض، وهو ما يستدعي من النخب الفلسطينية والعربية الاستعداد للشرط الدولي والإقليمي والمحلي الجديد. لا سيما وان الدولة الصهيونية ومشروعها الكولونيالي يعيش أيضا اعمق ازماته التاريخية، واقدام الخشب، التي يتعكز عليها يبدو ان السوس تفشى فيها، وبالتالي قد تكون حوامل تشرذمه اعلى مما نعتقد، وهو ما يدعو الاستعداد لمراقبة وقراءة التطورات أي كانت النتيجة انفجارا داخليا، ام انهيارا لمنظومة العائلات الصهيونية المالية، مع تشكل العالم الجديد بغض النظر عن الزمن الذي تستغرقه عملية التحول النوعية.
[email protected]
[email protected]

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار