مفارقات إسرائيلية
نشر في : 16 مارس, 2023 10:07 صباحاً

نبض الحياة

رام الله -الازمة الإسرائيلية العميقة التي تشهدها إسرائيل من بداية العام الحالي (2023) مع عودة نتنياهو على رأس حكومته السادسة تؤكد ان الدولة تعيش جملة من المفارقات، رغم ان سيرورة الاحداث تتجه نحو مآلات لا تحمد عقباها. لان الصراع المتفاقم بين الموالاة المعارضة لا يتوقف على طبيعة النظام السياسي الحاكم إن كان علمانيا ام لاهوتيا، وانما توسع بحيث بات يتعلق بخلفية من يحكم، إن كان من الاشكناز ام السفارديم، وحتى حول مكانة وخلفية الشخصية الحاكمة. فضلا عن الازمة القانونية القضائية المتعلقة بسيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وليس فقط الحد من دور ومكانة المحكمة العليا. وبالاحرى هي ازمة باتت تطال كل مكونات المجتمع والدولة العميقة الإسرائيلية.
ومن بين المفارقات التي تشهدها إسرائيل، وتؤكد الطابع النازي المنفلت من عقاله لمكونات حكومة الترويكا: نتنياهو، سموتيريش وبن غفير، وقع (50) وزيرا وعضو كنيست من الائتلاف الحاكم، منهم (9) وزراء و(41) عضو كنيست على عريضة، طالبوا فيها وزير الحرب غالانت بإلغاء الاعتقال الإداري للاربعة الصهاينة الذين شارك اثنان منهم باحراق بلدة حوارة الفلسطينية. رد عليهم وزير الجيش، بانه يجب "الثقة بتوصيات جهاز الشاباك الإسرائيلي." وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" امس الثلاثاء (14/3 الحالي).
ولنلاحظ ان الوزير ليس ضد الافراج عنهم، ولكن حتى لا يشكك في تقارير الشاباك، لم يستجب لمطالبهم. والاهم هو مطالبة ال50 شخصية تنفيذية وتشريعية إطلاق يد زعران الفاشية لتستبيح الدم والأرض والمصالح الفلسطينية العربية.
بالمقابل وقع 1000 أديب واكاديمي وفنان إسرائيلي يوم الثلاثاء اول امس، على رسالة وجهوها إلى سفيري كل من المانيا وبريطانيا في إسرائيل، طالبوا فيها بضرورة ان ترفض بلديهما استقبال رئيس الوزراء نتنياهو (الذي توجه امس فعلا لألمانيا، وبعد أسبوع الى بريطانيا) وفق صحيفة "جيروزاليم بوست".
وجاء في الرسالة أن "دولة إسرائيل موجودة الان في ازمة شديدة للغاية، وهي الأخطر في تاريخها، وفي إجراء متسارع وخطير لتحويلها من ديمقراطية.. إلى ديكتاتورية يحكمها رجال دين. وأضافت الرسالة بعد عرض الأخطار التي تتهدد إسرائيل نتاج انقضاض الحكومة على القضاء، أن "المانيا وبريطانيا أثبتتا طوال سنين وجود إسرائيل، دعمها لإسرائيل وتثبيتها كوطن ديمقراطي لليهود، وصوتهما الآن ضورويا لنا اليوم أكثر من الماضي. وخلصت الرسالة الى" اننا نطالب المانيا وبريطانيا ان تبلغا المتهم نتنياهو بإلغاء فوري لزيارتيه السياسيتين المقررتين لديكما. وإذا جرت الزيارتان فإن ظلا ثقيلا يخيم فوقهما."
ومن بين الموقعين على الرسالة الاديبان الاسرائيليان دافيد غروسمان ونوريت زراحي، ومخرجون ونحاتون واكاديميون فازوا بجوائز إسرائيلية هامة بينها "جائزة إسرائيل".  
وكان أكثر من 600 موسيقي إسرائيلي قد وقعوا في كانون الثاني / يناير الماضي على عريضة بعنوان "موسيقيين من اجل الديمقراطية"، عبروا فيها عن دعمهم لهيئة البث الإسرائيلية "كان"، وضد تهديدات وزير الاتصالات شلومو كرعي، الذي طالب بتفكيك الهيئة.  ولم تختلف رسالة الموسيقيين في الجوهر عن رسالة الادباء والفنانين والاكاديميين.
وفي سياق الصراع بين الموالاة والمعارضة، واثره على اتباع الديانة اليهودية في العالم، تظاهر قبل 3 أيام مئات من اليهود في نيويورك امام الفندق الذي نزل في وزير المالية النازي، سموتيريش، وطالبوا بترحيله، وهتفوا ضده وضد الحكومة الفاشية، ونادوا بحرية فلسطين. كما ان الصندوق القومي اليهودي" سحب رعايته لمؤتمر يعقده الوزير في وزارة الحرب، زعيم الصهيونية الدينية ذاته في العاصمة الفرنسية، باريس، التي يصلها الأسبوع المقبل. وكانت الحكومة الفرنسية اسوة باركان الإدارة الأميركية أعلنت رفضها اجراء اية مقابلات رسمية مع سموتيريش، ردا على تصريحاته التي طالب فيها بمحو وابادة بلدة حوارة الفلسطينية.
في هذا الخضم المتأجج من الصراع بين مكونات المجتمع الصهيوني، والازمة العميقة والأخطر على مستقبله، التي تعيشها الدولة الاسرائيلية يخرج وليد طه، عضو الكنيست عن القائمة الموحدة "راعم" التي يتزعمها منصور عباس الاخواني يوم اول امس الثلاثاء (14/3 الحالي) ليؤكد مجددا ان كتلته "لا تستبعد الانضمام لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية "مكان". وقال طه "لدينا الشجاعة لدراسة إمكانية الانضمام لحكومة نتنياهو في حال تفكك إئتلافه الحكومي مع زعيمي حزبي الصهيونية الدينية، سموتيريش، والقوة اليهودية بزعامة بن غفير.
وكما هو معلوم، فإن الحركة الإسلامية الجنوبية (الاخوان المسلمين) بزعامة منصور عباس، كانت الكتلة البرلمانية الفلسطينية التي شاركت في ائتلاف حكومة بينت / لبيد / غانتس عام 2021. وهي بتصريح عضو مكتبها السياسي وليد طه، تؤكد استعدادها مجددا لإنقاذ نتنياهو من ازمته، وإنقاذ الدولة الايلة للسقوط من اخطر ازمة في تاريخها. وكأن الازمة انتقلت من شخص نتنياهو إلى شخوص سموتيريش وبن غفير، والحقيقة ليست كذلك، انما هي ازمة دولة المشروع الصهيوني. والنتيجة الهامة التي يؤكدها طه في تصريحه، ان جماعة الاخوان المسلمين وجدت لإنقاذ دولة التطهير العرقي في فلسطين.
وما طرحه وليد طه ليس تكتيكا، انما هو خيار استراتيجي في سياسات جماعة الاخوان المسلمين الجنوبية بزعامة منصور عباس. الامر الذي يفرض على أبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل التصدي لهكذا خطوة للحؤول دون الاقدام عليها.
[email protected]
[email protected]