خيري يذيقهم العلقم
نشر في : 29 يناير, 2023 10:24 صباحاً

نبض الحياة

رام الله -عملية القدس البطولية اول امس الجمعة الموافق 27 يناير الحالي، كانت احد اشكال الرد الطبيعي على غطرسة وهمجية ووحشية وفاشية دولة الاحتلال وحكومتها الإرهابية بزعامة بنيامين نتنياهو، وجاءت ردا مباشرا على مجزرة مخيم البطولة والفداء، مخيم جنين، عرين الأسود من اللاجئين، الذين مازالوا يذوقون مرارة اللجوء منذ خمسة وسبعين عاما التي ذهب ضحيتها عشرة شهداء وعشرين جريحا من الأبرياء العزل بعد 24 ساعة فقط، وردا على صعود النازية الصهيونية المتغولة الجديدة، وبهدف كي الوعي الصهيوني من أقصاه الى أقصاه، ولتذكيرهم بالحقيقة الدامغة، ان الشعب العربي الفلسطيني لن يستسلم، ولن يرفع الراية البيضاء، وان كل أسلحة الموت والدمار الإسرائيلية والرعاية الأميركية والغرب الرأسمالي لهم لن تفت في عضد ابطال وعمالقة الفداء والتضحية، وردا على كل عمليات الاستسلام العربية الجبانة، والانحياز لصوت ونبض الشارع العربي العظيم، ودفاعا عن كرامة الامة من المحيط الى الخليج.
وقيمة واهمية العملية الشجاعة والمتميزة، أولا ان الشهيد الفولاذي خيري العلقم لوحده اذاقهم مرارة وعلقم المقاومة الوطنية، ولم يكن معه سوى مسدس وعشرات الرصاصات وارادته الجبارة وايمانه العميق بشعبه وحريته واستقلاله على ارض وطنه الام فلسطين، وتمكن من ادماء اركان الحكومة السادسة الفاشية؛ ثانيا كانت العملية الفدائية العظيمة ضد الاستعمار وقطعان مستوطنية القتلة، ومغتصبي ارضه وفي مستعمرة النبي يعقوب المقامة على ارض القدس عاصمة دولة فلسطين المحتلة، ولم تكن العملية في الكنيس اليهودي، كما ادعت الحكومة ومن تساوق معها من غلاة الصهيونية والإدارة الأميركية وبعض حثالات العرب والمسلمين، الذين وصفوها ب"الإرهابية"؛ ثالثا كفاءة البطل الشهيد في التهديف على القتلة الصهاينة، مما مكنه من إصابة دولة الموت والتطهير العرقي كلها في مقتل، واكد لهم جميعا انهم اضعف واصغر من ان يكسروا إرادة الشعب العملاقة، كما انه تمكن من مواصلة عمليته الفدائية طيلة عشرين دقيقة وهو يجول ويصول شامخا في عاصمته القدس الأبدية، التي يعرف دروبها وملاذاتها؛ رابعا أيضا جدارة وكفاءة وفروسية خيري علقم في دقة اختيار الزمان والمكان والتنفيذ الدقيق لعمليته الصاعقة والمجلجة؛ خامسا اضف الى ان العلقم الفلسطيني، كما وصفه جنرالات العدو ب"الذئب المنفرد"، كان نسيج ذاته وقراره المنفرد، ولم يكن منتميا لفصيل، ولم ينخرط مباشرة في أي نشاط سياسي، وحكمته منظومته الوطنية الخالصة والصادقة، والتي رد فيها على بعض القوى الفلسطينية المتهافتة.  
كما ان عملية الطفل البطل محمد امس السبت في سلوان، التي أصاب فيها مستوطنين من مغتصبي الأرض والبيوت الفلسطينية في حي سلون المقدسي، يؤكد مجددا، ان الشعب الفلسطيني كفيل بالدفاع عن نفسه وحقوقه بإرادة أبنائه من مختلف الأجيال، وان لا حياة لدولة إسرائيل الا بالاقرار بالحقوق الوطنية الفلسطينية كاملة غير منقوصة، وان لم تتراجع عن خيارها الاستعماري الاجلائي الاحلالي مصيرها الزوال والاندثار والموت المحتم، حتى لو كانت كل الدنيا تقف وراءها.
وان لم تستخلص حكومة قطعان المستعمرين الفاشية الدروس من عمليتي مستعمرة النبي يعقوب والبؤرة الاستيطانية في حي سلوان، وتتراجع عن فاشيتها وغطرستها، فإن دوامة العنف والمقاومة لن تتوقف ثانية واحدة. لان هناك الاف وعشرات الاف من أبناء فلسطين من مدرسة خيري ومحمد، فضلا عن ابطال الكتائب في جنين ونابلس وطولكرم وقلقيلية وغزة ورفح وخانيونس واريحا والخليل وبيت لحم وطوباس وسلفيت وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون دير البلح ومحافظة الوسطى وسلفيت ورام الله والبيرة وقراها، بالإضافة للابطال الميامين من الجليل والمثلث والنقب والساحل. ولم اذكر فرسان الشتات والمغتربات، الذين لديهم أسلحتهم في المقاومة السياسية والقانونية والشعبية دفاعا عن حقوق ومصالح الشعب العليا، كل تلك الطاقات والكفاءات المؤمنة في حقها بالحياة الحرة والكريمة ستدافع بما تملك من عزيمة وشجاعة عن اهداف كل الشعب حتى تتحقق كاملة.
آن الأوان لان يسمع العالم صوت القيادة والشعب العربي الفلسطيني، وان يندفع بسرعة وقبل فوات الأوان لعقد مؤتمر دولي وفق روزنامة زمنية محددة لفرض خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان عودة اللاجئين لديارهم المحتلة في عام النكبة 1948 وفق القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لابناء الشعب في ال48، وتأمين الحماية الدولية لابناء الشعب وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
لم يعد خيار امام الشعب العربي الفلسطيني الا الرد المناسب والموجع لغلاة المستعمرين الصهاينة، وهذه رسالة للصهاينة جميعا دون استثناء، ولاميركا وأوروبا وللعرب والمسلمين المتواطئين مع دولة الفاشيين والمحرقة.
[email protected]
[email protected]