تصريحان خطيران للفاشيين
نشر في : 23 يناير, 2023 10:41 صباحاً

نبض الحياة

رام الله - لم يعد هناك ما يمكن ان يفاجىء الفلسطيني العربي من جرائم وانتهاكات ومواقف معلنة من قبل الفاشييين الجدد في حكومة زعيم الفساد والتطرف الليكودي. لانه لا يوجد في الفكر الإنساني تعريفا للوحشية الادمية أكثر من مفهومي ونظريتي النازية والفاشية، الرديفتان في المعنى والدلالة، كونهما الانعكاس الاوضح، والأكثر تطابقا مع قانون الغاب الهمجي، الذي لا يخضع لقانون، ولا لمعايير، وكون ركيزته الأساس "القوي يأكل الضعيف، ويبطش به".
ورغم ان الدولة الإسرائيلية اللقيطة، ولدت من رحم، وفي رحم الفاشية والنازية الصهيونية، ووريثة مدرسة الغرب الرأسمالي الاستعماري المنفلتة من عقالها الآدمي لتحقيق مآربها الربحية الاحتكارية من دم الشعوب المستضعفة والمسحوقة، كونها حملت منذ ان كانت فكرة فلسفة التطهير العرقي الديني والقومي، وتبنت سياسات واليات عمل إرهابية لتحقيق مشروعها الاجلائي الاحلالي، الا انها حاولت إضفاء طابع "الليبرالية" و"الديمقراطية" على نظامها السياسي، وقام الغرب بقضه وقضيضه على تسويقها، مع ان جرائم حربها لم تتوقف يوما ضد العرب عموما والفلسطينيين خصوصا.
ولكن سياق تطور سيرورة وصيرورة دولة المشروع الصهيوني وصلت للحظة فاصلة مع صدور نتائج انتخابات الكنيست ال25، التي اماطت اللثام عن وجهها الحقيقي، وفي إنكشاف وافتضاح طابعها النازي مع صعود القوى الفاشية المتغولة لسدة الكنيست، وتشكيلها إئتلافا إرهابيا عنصريا بقيادة نتنياهو، لم يعد بإمكان أي من دول الغرب الرأسمالي بما فيها الولايات المتحدة التغطية عليها، او إخفاء هويتها النازية.
ومن ابرز التجليات المتعددة لصعود الفاشية الجديدة، أولا رفضها الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني؛ ثانيا تصعيد جرائم الإبادة والمجازر ضد الفلسطينيين؛ ثالثا تطوير اشكال التطهير العرقي في فلسطين التاريخية من البحر الى النهر؛ رابعا رفض مبدئي لوجود اية كيانية فلسطينية ما بين البحر والنهر؛ خامسا تبديد وتدمير بقايا السلام الممكن والمقبول، وشطب نهائي لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؛ سادسا توسيع وتعميق الاستيطان الاستعماري في مختلف المحافظات والمدن والقرى الفلسطينية وخاصة في القدس العاصمة الفلسطينية الأبدية؛ سابعا استباحة الوطن العربي الكبير باشكال ووسائل سياسية وديبلوماسية واقتصادية وامنية عسكرية، وبالضرورة ثقافية لطمس معالم القومية العربية، وبالمقابل تسيد إسرائيل على إقليم الشرق الأوسط الكبير ... الخ
وبالتوافق ما ورد أعلاه، صرح إتيمار بن غفيرـ وزير الامن "القومي" الأسبوع الماضي تصريحا خطيرا، جاء فيه: أن"الأجهزة الأمنية الفلسطينية أخطر على إسرائيل من إيران وحزب الله وحماس. لذلك يجب تفكيك هذه الأجهزة فورا وقبل فوات الأوان." ولم يتوقف الامر عند حدود الدعوة لتفكيك الأجهزة الأمنية الفلسطينية، انما ووفق ما ذكرته القناة الإسرائيلية ال12 يوم الاثنين الموافق 16 كانون 2 / يناير الحالي، "هناك أصوات داخل الحكومة الجديدة يتحدثون على ضرورة تفكيك السلطة الفلسطينية." وتساءلوا فيما بينهم "ماذا سيحدث إن حصل هذا على ارض الواقع؟ أجاب رئيس الأركان السابق، أفيف كوخافي، الذي ترك منصبه قبل أيام قليلة: القرار يرجع للمستوى السياسي سواء يريدون سلطة فلسطينية أو لا يريدون. وهذا ليس من اختصاص الجيش. لكن يجب أن نقول، انه في المناطق التي لا سيطرة فيها للسلطة سنكون هناك، ولنا خير مثال حي في جنين ونابلس، والتي لا سلطة للسلطة هناك، وتمتنع ان تكون هناك أصلا، ونحن مجبرون على اقتحام جنين ونابلس كل ليلة وليلة."  
وكلا التصريحين مرتبطين، ويشكلان خطرا داهما على الكيانية الفلسطينية، التي جرى عمليا تقويض مكانتها، وإضعاف هيبتها، وتهميش دورها خلال العقود الثلاثة الماضية، وسحب صلاحياتها ومهامها المتفق عليها في اتفاقات أوسلو بعد اجتياح شارون لمحافظات ومدن الضفة الفلسطينية مطلع عام 2002، وتم طرد ممثليها من المعابر الحدودية، وامسى اقتحام مناطق سيطرتها في المنطقتين المصنفتين A وB بشكل شبه يومي، والقرصنة المتواصلة على أموال المقاصة الفلسطينية، رغم ان دولة الاستعمار الإسرائيلية تأخذ ضريبة على عملية الجباية بنسبة 3%، وباتت الإدارة المدنية تتولى مهام الوزارات والمؤسسات الفلسطينية دون وازع قانوني او سياسي، وحدث ولا حرج عن عمليات التهويد والمصادرة وإعلان العطاءات لبناء وتوسيع المستعمرات، وانشاء عشرات البؤر الاستيطانية الاستعمارية، وسبقها سحب الهويات من المقدسيين، ومنع الانتخابات في العاصمة القدس، وتزوير وثائق الملكية لاراضي الفلسطينيين في احياء زهرة المدائن الستة، فضلا عن الاقتحامات الليلية ليس لجنين ونابلس فقط، وانما لكل المحافظات، وازدياد عمليات القتل والاغتيال والاعتداء على مصالح السكان الامنين في مختلف المحافظات، ومضاعفة عمليات الاعتقال دون أي سند قانوني.
بالنتيجة التصريحان ليسا منفصلين عن المخطط المنهجي الاجرامي الفاشي لتصفية الكيانية الفلسطينية، وركيزتها الأمنية اداتها التنفيذية الوطنية،وحامية أمن الوطن والمواطن بالمعايير الممكنة وارتباطا بالاتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي وهو ما يشي بطبيعة المرحلة القادمة من انفلات كامل وبلا عقال للفاشيين الجدد لدفن ما تبقى من أوسلو، ان بقي منها شيء. ولهذا التحول الدراماتيكي استحقاقات وطنية عديدة، مطلوب من الكل الوطني الخروج من دائرة المراوحة، والاندفاع نحو الوحدة الوطنية، واستنهاض مؤسسات منظمة التحرير، وتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي المؤجلة منذ ثماني سنوات، وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة، وتصعيد المقاومة الشعبية، وتعزيز السيادة في المنطقة C، وتكثيف الكفاح السياسي والديبلوماسيي، وتطوير الاستراتيجية الوطنية لمواجهة تحديات المرحلة الجديدة.
[email protected]
[email protected]