الَلغُةَ الْعَرِبِيَّةَ سَيِّدةُ  كُوكب الأَرَضِ، وَرَأُسُ سِّنَامَ اللُغَاتَ
نشر في : 17 ديسمبر, 2022 01:30 مساءً

غزة - اللغُة العربية الخالدة هي اللغُة الباقية السَاميَّة، العظيمة التي لن تنقرض حَيثُ تتميز بِالبيانِ، والبلاغة والترادف، والفصاحة، والأصوات، ودلالتها على المعاني؛ والمُفردات الغزيرة، والكثير من العلوم المتنوعة، مثل عِلم العَروض، والثباتِ الحر، والتَخَفِيفَ؛؛ وحِيِنَما نَبُوحُ بِكَلمَات اللغُةِ العربية الجميلة يتراقصُ القلبُ فرحًا فَتشعُر كَأن كلماتها تَتَحدثُ عن نفسها، وعَظمتِهِاَ؛ فهي جميلة مثل أجَمل إنسان في كُل الدُنيا، رائِعُ الُبنيَان من كل النواحي، والأركان، جميل القلب، طيِب الروح، رزين العقل
وكأن اللغة العربية لها عَينانِ، ولِسَانٌ وشَفَتانَ؛ فحينما تنطق بِاللغُة العربيةِ الفُصحى ترى الَجَلالَ، والجَمَالِ الجَميِلَ، والأُلق، الأنيق، والبوح السواح المُريحِ للأرواح المُسَافِّرْ في الروحِ لبلادِ الأفراح، والبرحِ، والمرح، والَدوحِ الفواح، بعيدًا عن اللُغةِ الفارسية، أو الفرنسية صَّاحِبِةِ الجروح، والأتراح.  
 إن اللغُة العربية لُغةُ الضاد عظيمة في مَضمُونها، ومُحَتُواها، وعُلو عُلوِمِّهَا، وفي جمالِ ما فيها؛ وكل ما فيها حُلوٌ، وأنيق، وراقي، ودقيق، ورقيق؛ ولقد ورد في الأثر عن سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: «تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ فَإِنَّهَا تُثَبِّتُ الْعَقْلَ، وَتَزِيدُ فِي الْمُرُوءَةِ»؛؛ فاللغة العربية شرفها الله جل جلاله بأن جعلها لُغة القُرآن الكريم، فلا يُقرأ كلامُ القُرآن إلا باللغُة العربية الفُصحى، فمن قرأ القُرآن الكريم من الخَلقِ، وكان ذو خُلقَ، وطَبقَ ما فيهِ بصِّدق ذَاقَ، واشتاق، وَراقَ، وأفاق، ولِلعلياء أَلَقَ، وَحَلقَ، وبِالحقِ تَعَلق، وتَسَلقَ، وتَألقَ، وتعمق، وتَعَمَلقَ، ولم يتملقَ. قال تعالى: " كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"؛ لقد جَاء بِلِسَانٍ عربي مُبين، فَهو أعظُم رفيقَ يَبِّلُ الريق، ويَطَفِّئْ الحريق، وينقذ الغريق، وينطقُ بالحقِ، وبالصدق؛ ومن اتبعهُ لَنْ يضلَ الطريق، فَيَحَيَا شَاهِّقا سامقٌ، باشقٌ، عاشقٌ، بِاسِق غير فاسِّقْ، ولا مُنافق!؛ واللغة العربية الخالدة كذلك بَحَرٌ عَميقٌ، ورقِّيِق راقٍ وطيبٌ عَاطِّر، وكأنها روائحٌ من الَبخَور، الزاخر الساحرِ، في ليلة جميلة يحلو  فيها السَمر، والسهر  السَامِّر الدائِّر  على ضُوء القمر  ليلةِ البدر، والنُور ، وفيها تدور  قصائد من الشِّعِر  العربي تُلقى بِكُل السرور، وكأنها رَحِيقٌ من العبيرُ المنثور، ومن أجمل الزهُور؛  فاللغةِ العربية حينما تُخطَ، وتُكتب كلماتُها تسُر الناظرين، ولما تُقَّرأ  تُطربُ سَمَع السَامِّعِين، وتُعَمرِ العُمَرِ لأنها عامرة بالقُرآن المحفوظ، فآياتهِ تُتلى، وتحور، وتَسِّير  في الَبشَر  من المؤمنين أجمل المسير ، بِيسرٍ  يسيرٍ غيرٍ  عُسرٍ، آيات بلسانٍ عربي جاءت لتكون بشير، ونذير للعالمين؛ فلا تَغرُ، ولا تَضرُ، ولا تمُرَ عنك دون ترتيل، وتفكُر؛ لأنها أحلى من الثَمرَ ؛ وما قُرئتْ في أي دار إلا زيَنَتها، وزادتها سعادة، ووقار، ومن اتخذ من اللغة العربية الفصحى لُغتهُ، والقرآنُ الكريم دُستورا لهُ، وأصر على ذلك كل الاصرار، وصبر، وصابَر، وثابر، وكان ابنًا بوالديهِ بَار  صار مسرورا ، وصاحِب قرار، واستقر نفسيًا أفضل استقرار، وهنيئًا لمن سَّطِّرْ  قَلمهُ باللغة العربية الجميلة، وبِالحِّبرِ  خبرا   سَارْ  فيهِ جَبرٌ،  وخيرٌ، وعَمَارَ، وازدهار.  إن اللغة العربية لغُة عميقة كالبحرِ، وجميلة كالنهرِ، إنها مثل القمرٍ ليلة البدر؛ فهي لغُة القرآن الكريم المنزل من رب العالمين، قال تعالى: "بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ"؛ فلقد كرّم الله سبحانهُ، وتعالى اللغة العربية عن غيرها من اللغات عندما اختارها  لتَكُون لغة القرآن الكريم؛ كما أنّ الصلاة المفروضة على كل مُسلم في اليوم خمس مرات لا تجوز  إلا بِتلاوة القرآن الكريم باللغُةِ العربية فيتعبدُ بها؛ وهذا الأمر  قد ساعد على انتشارها، وجعلها باقيّة، ومحفوظة بحفظ القرآن الكريم إلى الأبد؛؛ كما تميزت اللغة العربية بخصائص كثيرة جعلتها تحتل مكانةً كبيرةً بين اللغات، ومنها: متانة التركيب، ووضوح البيان إضافةً إلى المرونة، والقوة الكبيرة، والكلمات الكثيرة التي تتمتع بها اللغة العربية. ولِذلك جَعَلَت الْأُمَمُ الْمُتَّحِدَةُ اللغُةَ الْعَرَبِيَّةَ لُغَةً رَسْمِيَّةً يُقام لها احِتفَالات عالمية.  حيث يحتفل العالم في يوم الثامن عشر من كل عَام في اليوم العالمي للغة العربية، وهو اليوم الذي قررت فيه الأمم المتحدة سنة 1973م، اعتماد اللغة العربية لغة رسمية، ثم جعلتهُ منظمة اليونِّسَكُو  يومًا عالميًا للعربية وتُعتبر اللغة العربية من أقدم، وأعرق لغُات العالم، وأكثرها مفردات؛ إذ يمتد تاريخها أكثر من 18 قرنًا، وتزيد كلماتها على اثني عشر مليون كلمة؛؛ كما، ويتحدث اللغة العربية اليوم زُهاء 490 مليون إنسان تقريبًا، وهي لغة العبادة لدى أكثر من مليار مسلم في العالم .
ويقول عنها أمير الشُعراء/ أحمد شوقي رحمه الله : " إن الذي ملأ اللغاتِ محاسنًا، جعل الجمال، وسره في الضَاد"؛  فَتُعد اللغة العربية ركناً أساسيًا، ومركزيًا من أركان التنوع الثقافي للبشرية جميعها؛ وعن اللغة العربية العظيمة يقول الشاعر المصري/ مصطفى صادق الرافعي العمري رحمه الله: «إن هذه العربية بنيت على أصل سحري يجعل شبابها خالدًا عليها فلا تهرم، ولا تموت، لأنها أعدت من الأزل فَلكاً دائِراً للنيِّرين الأرضِيين العظيمين (كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم )، ومِن ثَمَّ كانت فيها قوة عجيبة من الاستهواء كأنها أخذة السحر»؛؛ فاللغة العربية تُتيحُ الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله، وصوره ومنها تنوع الأصول، والمشارب، والمعتقدات، كما أنها أبدعت بمختلف أشكالها، وأساليبها الشفهية، والمكتوبة والفصيحة، والعامية، ومختلف خطوطها، وفنونها النثرية، والشعرية، وفيها آياتٌ جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة؛ ولقد سادت العربية لقرون طويلة من تاريخها بوصفها لغة السياسة والعلم والأدب، وأثرت تأثيرًا مباشرًا، أو غير مباشر في كثير من اللغات الأخرى كما مثلت اللغُة العربية حافزاً إلى إنتاج المعارف، ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية، والفلسفية إلى أوروبا في عصر النهضة، كما أتاحت إقامة الحوار بين الثقافات؛ ولذلك فإن الغرض من الاحتفال في اليوم العالمي لِلغة العربية هو إذكاء الوعي بتاريخ اللغة العربية، وثقافتها، وتطورها، وجمالها، ورونقها، وتميزها  الكبير ، وتفوقها على كل لُغات العالم.. ونحن العرب قد شرفنا الله جل جلاله بأن تكون لغة القرآن الكريم هي اللغة العربية، قال تعالى: "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"، كما وردت آية في سورة فصلت: "كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"؛ فاللغة العربية شرف عظيم لأبناء الأمة العربية، والإسلامية أن يكونوا من أهل لغُة الضاد، اللغُة الخالدة، والمعجزة».. ومما زاد من شرف اللغة العربية أنها كانت لُغةَ خاتم الأنبياء، والمرسلين سيدنا، ونبينا صلى الله عليه وسلم  التي مكَّنه الله - عز وجل منها أيما تمكُّن ،وعندما نتأمل عناية القرآن الكريم باللغة العربية نجد عدة آيات تنص على نزول القرآن عربياً، وهو شرفٌ وأكبر  شرف لهذه اللغة، أن تكون اللغة التي اصطفاها الله - عز وجل - لمخاطبة عبادة، حيث وُصف القرآن بكونه عربياً في ست آيات، وهي قوله تعالى: "الـر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْـمُبِينِ إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا{، وقال تعالى: "قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ"؛ وقال تعالى: "  كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" وقال جل جلاله : "إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"؛ ويقول سبحانه: "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا "؛ كما جاء وصفه باللسان العربي في ثلاث آيات، وهي قوله تعالى: " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّمَا يُعَلِّـمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْـحِدُونَ إلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ، وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ"؛ قوله سبحانه: "وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إمَامًا وَرَحْمَةً، وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ"، وقال جل جلاله: " نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ  عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْـمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ"؛؛ وجاء تفصيل كونه عربيًا، وليس أعجميًا، في آية واحدة، وهي قوله تعالى: "وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ، وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ"؛ وجاء وصفه بالحَكم العربي في آية واحدة وهي قوله تعالى: "وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا"؛ "والحاصل من ذلك أن مجموع ما ورد من ألفاظ العربية في وصف القرآن إحدى عشر آية تدل على شرف اللغة العربية، دلالة لا ينكرها إلا مكابر أو جاحد وعربية القرآن الكريم إنما هي عربية منهج إبانة، ولذا كثر في هذه الآيات قوله لعلكم تعقلون، لعلهم يتقون لعلهم يتذكرون وهذا كله إنما يكون من منهاج الإبانة على معانيه، ومقاصده ومغازيه"؛؛  ودلالته أن العربية لغة تفوق غيرها من اللغات في الفصاحة، والبيان، يقول ابن كثير مُعللاً اختيار العربية لغة للقرآن الكريم: «وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات، وأبينها وأوسعها، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس؛ فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات»؛ كما أن «اختيار  الله للعربية، أو اللسان العربي، ليكون أداة التوصيل، ووسيلة الإبانة، ووعاء التفكير للرسالة الخاتمة الخالدة؛ وتلك قضية ذات أبعاد لغوية، وثقافية، وعلمية، وحضارية سرمدية خالدة حيث لم يعد أحد ينكر اليوم، علاقة التعبير بالتفكير، ودور التعبير في التفكير، والإبداع الأدبي والعلمي، والمحاكمات العقلية؛ ولذلك فمجرد اختيار العربية لتكون لغة التنزيل، والإبانة، والتوصيل يعني امتلاكها هـذه الأبعاد جميعاً»؛ ولذا فإن التبحر في هذه اللغة هو السبيل لإدراك معاني الكتاب، وكما أن للغة العربية المنزلة الرفيعة في القرآن الكريم، فإن منزلتها كبيرة كذلك في السنة النبوية، فعن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم  يوماً كالمودِّع فقال: أنا محمد النبي الأمي (قاله ثلاث مرات) ولا نبي بعدي أوتيت فواتح الكلم، وخواتمه، وجوامعه، «وفواتح الكلم» «أي البلاغة، والفصاحة، والتوصل إلى غوامض المعاني وبدائع الحكم، ومحاسن العبارات التي أغلقت على غيره...(وجوامعه) التي جمعها الله فيه فكان كلامه جامعاً كالقرآن في كونه جامعاً؛ فكان يبدأ كلامه بأعذب، وأجزل، أفصح، وأوضح لفظ، ثم يختمه بما يشوق السامع إلى الإقبال على الاستماع للمزيد من مثلهِ؛؛ وعن بلاغة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول الرافعي : «إذا نظرت في ما صح نقله من كلام النبي صلى الله عليه وسلم  على جهة الصناعتين اللغوية، والبيانية، رأيته في الأولى مُسَدَدَ اللفظ مُحَكَم الوضع، جزل التركيب، متناسِب الأجزاء في تأليف الكلمات، وتراهُ حسن المعرِض، بيِّن الجملة واضحَ التفضيل، ظاهِرَ الحدود جيدَ الرصفِ، متمكن المعنى؛ واسع الحيلة في تصريفه، بديعَ الإشارة، غريب اللمحة، ناصع البيان».
 ونحن نحتفل اليوم، ونحتفى في اليوم العالمي للغُة العربية نحن العرب، والمسلمين في أمس الحاجة للتبحر من جديد في علم اللغة العربية؛ وخاصة النحو، والبلاغة لأننا في عالم المُلهيات، والانترنت، والغزو الفكري والثقافي!؛ يقول الأصمعي «إن أخوف ما أخاف على طالب العلم، إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)؛ وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأشعري: «أَمَّا بَعْدُ فَتَفَقَّهُوا فِي السُّنَّةِ وَتَفَقَّهُوا فِـي الْعَرَبِيَّةِ، وَأَعْرِبُــوا الْقُـــرْآنَ فَإِنَّهُ عَرَبِيٌ»، ومن فقه السلف أنهم كانـوا يرون اللغة العربية من الدين «فقد كان أبو عمرو بن العلاء يَعُدُّ العربية من الدين لا تنفصل عنه ولا ينفصل عنها، فبلغ ذلك عبد الله بن المبارك فقال: صدق»؛ كما كانوا يرونها تؤثر تأثيرًا بالغًا في العقل، والخلق، قال ابن تيمية: «اعتياد اللغة يؤثِّر  في العقل، والخلق، والدين تأثيراً قوياً بَيِّناً، فنفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرضٌ واجب؛ وإن التبُحر في اللغة العربية هي السبيل لرفعة شأن الانسان العربي، وعلو منزِلتِهِ، وإن الجهل في اللغة العربية يحط من قدر الإنسان!؛ واللغة العربية تهذب النفس، وتزُنها، وتُزينها، وتعدلها، بِّسمُو  تراكيبها؛ وظاهر النصوص الواردة عن النبي ﷺ بأنه كان يكلم الناس باللغة العربية الفُصحى، وأن لغة أهل الجنة هي اللغة العربية، يتخاطبون بهذه اللغة المعروفة ونأمل أن تكون لغة أهل الجنة هي اللغة العربية، وجاء في حديث ضعيف، ولكننا سوف نستأنس بهِ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ""أنا عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي""... إن بعض العلماء فسر قول الله سبحانهُ تعالى: "وعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا"، بقولهم: " ويُستدل من هذه الآية؛ أنّ سيدنا آدم عليه السلام كان يتحدّث باللغة العربية مع غيره أثناء، وجوده في الجنة، وبعد النزول إلى الأرض لكنها لم تأتِ بإشارة إلى لغةٍ محدّدة تكلّم بها، لكن الكثير من علماء المسلمين، ومنهم ابن عباس رضي الله عنه ذهبوا إلى أنّ لغته في الجنة كانت اللغة العربيّة، وهي لغة القرآن الكريم، وعندما عصى الله تعالى سلبّه إياها، فتحدّث السريانيّة ولما تاب أعاد الله له العربيّة"؛ لأن اللغة العربية تمتاز  بقدرتها على التكيّف، والإبداع في مختلف العلوم كلها.. إن اعتياد التكلّم باللغة العربية يؤثّر على العقل، والخُلقْ، والدين؛؛ فاللغة العربية مصدر عزّ للأمة، وتعدّ مقوّماً أساسيًّا من مقوّماتِ تفوق، وعلو الأمة الإسلاميّة؛ تتمثل أهمية اللغة العربيّة بأنَّها أقدم اللغات التي لا تزال تتميز بخصائص تراكيبها، وصرفها، ونحوها، وأدبها، وكذلك خيالها، هذه فضلاً عن تمكن اللغة العربيّة من التعبير عن جوانب العلم المختلفة، كما تعدُّ أمّاً لمجموعة اللغات الأعرابيّة التي نشأت في شبه الجزيرة العربيّة، وهي أيضاً أمّ العربيّات، والمتمثلة بالحميريّة، والبابليّة، والعبرية، والآراميّة، والحبشية، أو اللغات السّاميّة، والتي ترجع إلى أبناء نوح عليه السّلام، وهم: سام، وحام، ويافث؛ ومن أهم مقومات اللغة العربية تعد اللغة العربية من أهمّ مقومات الهوية العربية، حيث عملت طويلاً على نقل تاريخ، وثقافة الحضارات العربيّة عبر الزمن، وتعتبر من أهم العوامل التي حافظت على توحيد الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، كما ساهمت في حفظ تاريخ العرب منذ العصر الجاهليّ، ومن ذلك تاريخهم الكامل، وبطولاتهم، وشعرهم، وأخيراً كانت معجزة نزول القرآن الكريم بهذه اللغة ممّا أضفى عليها القدسية، والعناية الإلهية، فقد تحولت من لغة تختص بقبائل الصحراء إلى لغة أمّة عربي إسلامية قادت الحضارة للعالم أجمع؛ ولذلك على العربي الذي يتكلم باللغة الانجليزية، واللغات الأخرى من غير  سبب، معُتقدًا بذلك بأنه إنسان مثقف، ومتعلم، ثقافة، وتعليم يفوق أقرانهِ، فهو ذلك جاهِّل في جمال، ورعة، وأناقة، ورقى اللغة العربية، ويكفيها، ويكفينا شرفًا أنها لغة القرآن الكريم المنزل من فوق سبع سماوات من رب العالمين؛ ونحنُ في اليوم العالمي للغة العربية نقول ستبقى اللغة العربية سيدة اللغُات في كوكب الأرض خالدة سرمدية أبدية حتى يرث الله الأرض ومن عليها وعلينا العمل لنُعيد للغة العربية  لُغة الضاد سؤددها وعظمتها، ومُهجتها، وبَهجتها، ووهَجَها ونُورهَا بِتعَلمُهِّا وتَعَليِّمَهَا.
المفكر العربي، والإسلامي الباحث، والكاتب الأديب 
   الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو  نحل
رئيس فرع فلسطين في الرابطة العالمية للدفاع عن اللغة العربية 
  الأستاذ الجامعي عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر،  رئيس المركز  القومي  لعلماء  فلسـطين
  رئيس مجلس إدارة الهيئة  الفلسطينية  للاجئين، والاتحاد العام  للمثقفين العرب في  فلسطين
   عضو  نقابة الصحفيين بفلسطين ، والاتحاد الدولي للصحافة الالكترونية_ [email protected]