الحاوي المرجح يحل العقد
نشر في : 20 نوفمبر, 2022 09:49 صباحاً

نبض الحياة

رام الله-عادة تبرز بين قوى أي ائتلاف بغض النظر عن خلفيته، وحسابات كل القوى المشكلة له عشية الانتخابات واثناءها وبعدها، وخاصة في حال الفوز على الخصوم تنافس فيما بينها، وكل قوة تسعى للحصول على النسبة التي ترتأيها مناسبة لتقلها بين مجموع القوى. وتحتدم عمليات الشد والرخي ضمن الفترة الزمنية المتاحة لتشكيل الحكومة. كما هو حاصل الان بين اقطاب اليمين المتطرف والفاشي في إسرائيل، فالقوى الفاشية الصاعدة (سموتيرش وبن غفير)، والتي شكلت رافعة أساسية لإئتلاف اليمين بزعامة نتنياهو، وباتت بمثابة بيضة القبان في بقاء الحاوي من عدمه في الحكم، ولادراكها أهمية وزنها في المعادلة الحزبية والسياسية الجديدة، رفعت سقف مطالبها، وحصتها من كعكة الحكومة الجديدة.
طالب سموتيرش بوزارة الجيش، وبن غفير أراد وزارة الامن الداخلي، ولكن مروض وحوش الفاشية لم يسلم لهما بما يريدانه، واعلن ذلك صراحة، واستثمر ردود الفعل الأميركية والأوروبية وغيرها من الدول، فضلا عن التحذيرات من قادة الجيش السابقين وأجهزة الامن بخطورة تبوأ أي منهما الوزارتين المذكورتين، ليس على الفلسطينيين، فهذا اخر همهم، بل على الداخل الإسرائيلي، ومكانة الدولة عالميا، وخاصة مع الحلفاء الاستراتيجيين.
ورغم ان زعيم الليكود اعلن رفضه لما طلبوه، بيد انه لم يقطع معهما، لانه بحاجة ماسة لهما، وأيضا كلاهما لم يدر الظهر ل"بيبي"، لانهما يرغبا في الجلوس أولا في كرسي الحكم لتكريس وجودهما كرقم مقرر في الوزارة؛ ثانيا تحقيق الأهداف التي قدموها لناخبيهم وانصارهم من الفاشيين؛ ثالثا قناعتهما القوية، ان كانا معا في ائتلاف واحد، او كل على انفراد، يستيطعان لي ذراع نتنياهو في حال حاول التهرب من استحقاقات البرتوكولات المتفق عليها معهما؛ رابعا يعلمان علم اليقين ان رئيس الحكومة السادسة "كذاب ابن كذاب"، وفق التسجيلات التي نشرتها قناة "مكان" ال11 على لسان سموتيرش. ومع ذلك لا يريدا ان يبددا فرصتهما بالجلوس في الحكومة، وتحقيق النسبة الأكبر من ال180 بند المتفق عليها بينهما وبين الليكود. ومنها، كما ذكر تسفيكا فوغل، نائب بن غفير في مقابلة مع إذاعة FM 103، دفع قانون الإعدام للفدائيين، قانون الحصانة لجنود الجيش الإسرائيلي، وقانون تحويل الجريمة الزراعية إلى إرهاب زراعي ... الخ، وأضاف "مفاهيم نضعها في مقدمة الأولويات كي نحقق الحوكمة في نهاية المطاف." المقصود الحوكمة الفاشية.
وارتباطا بالمنفعة المتبادلة بينهم جميعا، ووفق الرؤية الفاشية عموما للحكومة السادسة بزعامة بنيامين نتنياهو. لا سيما وان وجود رموز الفاشية الأبرز في الوزارة، يعني بشكل مباشر تماهي رئيس واقطاب الحكومة معهم، خاصة وانهما، كما اشرت سابقا، انهما يمثلان بيضة قبان الحكم. وعليه تمكن زعيم الليكود بمناوراته، ولعبة الثلاث أوراق، من ان ينجح في اولا تفكيك الائتلاف بين رموز الفاشية، وسيتم الإعلان رسميا عن ذلك اليوم الاحد الموافق 20 نوفمبر الحالي (2022)؛ ثانيا تم ابرام صفقة مع زعيم "القوة اليهودية" مساء يوم الثلاثاء الماضي الموافق 15 نوفمبر الحالي، عنوانها شرعنة البؤر الاستيطانية ال65 خلال 60 يوما من تشكيل الحكومة؛ تعديل قانون الارتباط المتعلق بالبؤرة الاستيطانية "حومش" بما يسمح بالتواجد الصهيوني هناك للدراسة في المعهد الديني التوراتي؛ سن "قانون جنوبي" موسع في قواعد الجيش الإسرائيلي لمنع سرقة الأسلحة من قواعد الجيش، ولحماية جنود وضباط الجيش الاستعماري؛ قانون يفرض حدا ادنى من العقوبات على "الجرائم الزراعية" وجرائم "الخاوة"؛ الإسراع في تخطيط وانشاء طريق التفافية للربط بين المستعمرات في الضفة الفلسطينية، وتوسيع شارع 60 بما في ذلك زيادة وتخصيص الميزانيات اللازمة بقيمة مليار ونصف المليار شيكل، وضع خطة لشرعنة البؤرة الاستيطانية "افيتار"؛ ثالثا تقديم حلول إبداعية لارضاء سموتيرش، تتمثل في حصول حزبه على حصة تتكون من: حقيبة وزارية "متوسطة - كبيرة" مثل وزارة القضاء او التعليم، بالإضافة إلى حقيبة وزراية مصغرة، ومنصب وزير إضافي داخل وزارة الجيش، له صلاحيات عملية في الضفة الفلسطينية؛ رابعا الاستجابة لمطالب حزب "شاس" بزعامة درعي في حال تنازل عن حقيبة المالية، فانه سيحصل على حقيبة الداخلية موسعة، وتضاف لها حقيبة الأديان، وهناك أفكار أخرى، مثل تعيين درعي، في منصب القائم باعمال رئيس الحكومة. وهذا يستدعي تغيير القانون المتعلق بهذه النقطة. لا سيما وان القانون ينص على ان يكون القائم بالاعمال من الحزب الحاكم.
ورغم ان القضاء الإسرائيلي يرفض تولي درعي وزارة في الحكومة، لانه ابرم اتفاقا سابقا مع القضاء اثناء محاكمته على قضية الفساد التي حوكم عليها، بحرمانه لمدة سبع سنوات من تقلد مهام حكومية. مع ذلك يمكن إيجاد حلول لها مؤقتة بين زعيم الائتلاف وزعيم شاس بما يرضي الجميع، وبطبيعة الحال حزب "يهوديت هتوراة" حصته محفوظة.
بالنتيجة العالم امام حكومة فاشية بامتياز، لا يعنيها مبدأ السلام من أساسه، وبالتالي انتفاء وجود أي شريك للسلام في دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية. لان كل همها منصب على المزيد من عمليات التهويد والمصادرة والاستيطان الاستعماري في الأرض الفلسطينية، وتشريع البؤر الاستعمارية، وزيادة عمليات التطهير العرقي في القدس العاصمة الأبدية وعموم الضفة ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، ومضاعفة الاجتياحات وعمليات القتل والاغتيال والاعتقال ... الخ من جرائم الحرب. الامر الذي يملي على الأمم المتحدة والاقطاب الدولية وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إعادة نظر جدية في سياسة المحاباة والدعم اللا محدود للدولة المارقة والخارجة على القانون، واحداث انعطافة مسؤولة لحماية خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان حق العودة للاجئين على أساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لابناء الشعب الفلسطيني في داخل الخط الأخضر. دون ذلك، فإن العالم سيشهد ارتدادات غير مسبوقة في المشهد الفلسطيني الإسرائيلي، والذي قد ينذر باخطار غير محمودة العواقب نهائيا.
[email protected]
[email protected]