جابه الفاشيين بصوتك
نشر في : 31 اكتوبر, 2022 10:41 صباحاً

نبض الحياة

رام الله -اشكال المقاومة وكسر شوكة الإرهاب كثيرة، لا تنحصر في شكل بعينه، رغم ان لكل شكل افضلياته واولوياته ارتباطا بشروطه: الزمان والمكان، والذات والموضوع وجدلية العلاقة بينهما. لان شرط الكفاح المسلح يختلف عن شرط النضال السياسي والمقاومة الشعبية، او شرط النضال البرلماني او النقابي، وقد تتكامل في لحظة تاريخية كل الاشكال ارتباطا بمجموع المعطيات، وقد تتراجع بعض الأساليب الكفاحية نتاج جملة من الكوابح والمعيقات، وفي ذات الوقت تتقدم أساليب كفاحية بالموائمة مع عوامل الصراع، وطبيعة موازين القوى بين الطرفين.
استقرت القوى الحزبية والسياسية وسط التجمع الفلسطيني العربي داخل دولة الاستعمار الإسرائيلية، بعد عقدين او اكثر قليلا من نكبة ال 48، وفي اعقاب هزيمة العرب في حزيران/ يونيو 1967 على انتهاج شكل النضال السياسي والبرلماني، الى جانب شكل النضال النقابي من داخل الهستدورت، وبالتكامل مع شكل المقاومة الثقافية دفاعا عن الهوية الوطنية واللغة العربية في مواجهة الاسرلة، وطمس الشخصية الفلسطينية العربية. وتدريجيا اولت القوى الحزبية من تيارات مختلفة النضال داخل الكنيست أهمية كبيرة، لما له من تأثير إيجابي في تكريس الهوية الوطنية، والحد من تغول القوى الصهيونية المختلفة، وليس اليمين فقط. رغم ان هناك اتجاهات حتى يوم الدنيا هذا ترفض هذا الخيار، ويعضها متحفظ عليه، ويعتبره قاصرا عن تحقيق الأهداف الوطنية والمطلبية نتاج تهافت بعض القوى، وتساوقها مع اللعبة الصهيونية، او كونها ولدت وتبلورت بدعم من أجهزة الامن الإسرائيلية لاضفاء الصبغة "الديمقراطية" على دولتهم، دولة التطهير العرقي الإسرائيلية.
لكن الغلبة كانت لصالح خيار النضال السياسي والبرلماني، وخوض لعبة الصوت في صناديق الاقتراع. والذي اثبت جدارته، واهميته سابقا، وراهنا، والى حين، بالتلازم مع النضالين الثقافي والاكاديمي والنقابي، دون ان تلغي هذه الاشكال الأخرى في زمن بعينه، وفي ذات المكان الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية المختلطة.
ورغم تشظي وانقسام القوى الفلسطينية في ال48، وعدم توافقها على برنامج الحد الأدنى، وتشييع تجربة القائمة المشتركة بسبب عوامل خارجية إسرائيلية وإقليمية، وداخلية فلسطينية، الا ان معركة الصوت الفلسطيني كانت، ومازالت تحتل مكانة هامة. لا سيما وان تعاظم واتساع دور ومكانة القوى اليمينية الصهيونية عموما بزعامة نتنياهو، والقوى الفاشية أمثال بن غفير وسموتيريتطش واضرابهم، التي باتت تحتل المركز الثالث في البرلمان، وفق استطلاعات الرأي الإسرائيلية المنشورة، وتتوعد يوميا الفلسطيني العربي في ارجاء الدنيا، أولا حملة الجنسية الإسرائيلية، وثانيا في أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967، وثالثا فلسطيني الشتات والمهاجر، فضلا عن الكل العربي من المحيط الى الخليج، وليس من النيل للفرات فقط. ومن تابع شعار الكهاني بن غفير، زعيم "القوة اليهودية" الذي ينشر ويذاع على الفضائيات الإسرائيلية يوميا، يدرك حقيقة تهديده للفلسطينيين العرب بعظائم الأمور، والذي قد يرقى الى تنفيذ خيار الترانسفير، وهو ما نبه اليه البروفيسور الصهيوني يورام يوفال، حين أشار، الى ان كل العصابة النازية تستعد لارتكاب نكبة ثالثة ضد الفلسطينيين من خلال عملية تطهير عرقي تطال "400 الف فلسطيني يتم نقلهم ب200 حافلة" الى المجهول. ويوفالليس حريصا على الصوت الفلسطيني، انما له حساباته، واراد تحقيق هدفين، الأول تحفيز الفلسطينيين للتصويت لائتلاف لبيد غانتس بذريعة درأ مخاطر الفاشيين، وهم لا يقلوا همجية ووحشية عن خصومهم النازيين، والثاني لادخال الرعب في نفوسهم من القادم. وبعيدا عن خلفياته، من المؤكد في زمن صعود وطغيان النازية الصهيونية كل السيناريوهات محتملة، وقابلة للتحقق في الواقع الصهيوني. لانه الحاضنة الأمثل والأكثر قابلية  وملائمة لتفريخ وتنامي الظواهر الإرهابية والنازية في المجتمع الاستعماري.
مع ذلك، فان قيمة واهمية الصوت الفلسطيني تكمن في التصويت للقوائم الوطنية والديمقراطية، بغض النظر عن أي نواقص او أخطاء، او مثالب في أوساط تلك القوائم، دون اغفال ذلك، او القفز عنها اثناء مساءلة ومحاكمة أعضاء الكنيست. وعليه تملي الضرورة الشخصية والوطنية الاندفاع نحو صناديق الاقتراع والتصويت للجبهة والتغيير والتجمع الوطني الديمقراطي، وعدم التصويت لاي كتلة او قوة صهيونية مهما ادعى ممثلوها زورا وبهتانا الاختلاف عن بن غفير وسموتيريتطش او للقوة المتواطئة مع الائتلافات الصهيونية.
اذا من يريد فعلا لا قولا مجابهة النازيين الصهاينة الجدد من أبناء الشعب الفلسطيني عليه التوجه لصناديق الاقتراع يوم الثلاثاء القادم دون تردد، او تلكؤ، او مغمغة، ودون حسابات صغيرة، وبعيدا عن الرشوة. عندئذ سيكون للصوت الفلسطيني اكثر من أهمية، أولا ابراز ثقله في صناديق الاقتراع؛ ثانيا في زيادة المقاعد الفلسطينية داخل الكنيست، ولهذا دور هام في إمكانية تحقيق الأهداف المطلبية الاجتماعية والديمغرافية، والاهداف السياسية الوطنية، ودعم عملية السلام على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؛ ثالثا تحديد هوية رئيس الحكومة القادم، او بتعبير آخر تعميق ازمة المجتمع الكولونيالي الصهيوني، ودفعه للسقوط في دوامة الانتخابات اللانهائية، والتي ستفجر الوضع الداخلي الصهيوني، وفتح مرجل بركان التناقضات التناحرية بين قواها المختلفة، مع ما يحمله ذلك من تداعيات اكثر خطورة، من ابرزها انفجار الحرب الاهلية المعقدة. امام أبناء الشعب الفلسطيني خيارين أساسيين الان، فاما ان تكونوا مع ذاتكم وخياركم المطلبي والوطني، او لا تكونوا، وتساقوا فرادى الى ما لا يحمد عقباه.
[email protected]
[email protected]