أزمة الفكر والسلوك في المجتمع الفلسطيني
نشر في : 23 سبتمبر, 2022 08:37 مساءً

رام الله - الشباب هم ثروة الامة وعمادها ،واساس تقدم الامم ونهضتها ،ولدلك تعمل الدول على رعاية الشباب والاهتمام بهم من خلال وقاية افكارهم من الانحراف والجمود ، دلك لان صلاح الفكر هو صلاح للقلب، وصلاح القلب انارة للعقل وصلاح للبيئة والاستقرار لها ،وهدا ما يؤدي الى تحقيق الامن للأسرة والمجتمع ،ولكن ادا ما ساء هدا الفكر، فان القلب يكون قد ساء ايضا، وهدا ما يؤدي الى الارهاب داخل الاسرة والمجتمع وحيلولة الاستقرار فيه ،ولدلك فان موجبات تامين المجتمع وتعزيز استقراره هو ضرورة وقاية الافراد من الانحراف الفكري مع تقويم السلوك ،وهدا وللأسف ما يفتقره المجتمع الفلسطيني لوجود ظواهر اجرامية ما كان لها ان تكون لولا ازمة الفكر وتناقض السلوك في هدا المجتمع، فما هي اسباب ازمة الفكر في المجتمع الفلسطيني وما هي تداعيات استمرار هده الاسباب ؟.
نحن هنا لا نتحدث اعتباطا ولا نطلق الاوصاف والاحكام جزافا ،لان كل من يعيش في غزة كجزء من هدا المجتمع على سبيل المثال لا ينكر وجود الانحراف الفكري والتناقض بالسلوك ،وهو ما ادى الى وجود بعض الظواهر الاجرامية ومنها على سبيل المثال انضمام بعض الشباب الى تنظيمات ارهابية "كداعش "وغيرها ،الاتجار بالمخدرات وتفشي ظاهرة تعاطيها ، ظاهرة الانتحار، وظاهرة الاستهانة بالأموال والارواح والممتلكات ، بالإضافة الى ظهور حالة باتت اقرب الى ظاهرة وهي حالة خروج الفتيات عن طاعة الوالدين بدريعة حق اللحاق بركب الحضارة وحرية الاختيار في ظل حماية مؤسسات حقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني بإيعاز من بعض السفارات الغربية .
ان هدا الانحراف الفكري والتناقض في السلوك ما كان له ان يصبح ظاهرة داخل المجتمع الفلسطيني لولا ازمة الفكر التي تسبب بها قادة الفكر والسياسة ورجال الدين والاعلام بسبب الانقسام الفلسطيني الدي دفع هؤلاء للتعامل مع القوانين والعادات والتقاليد وما جاء بالدين من تعاليم بالقدر الدي يخدم القيادات والاحزاب والتنظيمات التي يتبعون لها وليس خدمة للمجتمع ولا حماية لأفراده من الانحراف ،فما هو المطلوب ادا لوقف هدا التدهور في المجتمع الفلسطيني ومنع الانحطاط الفكري ،سواء كان هدا الانحطاط من اجل التنظيم ،وهدا ما ادى الى الافراط والتفريط ،وسواء كان بدريعة التطور ومواكبة الحضارة وحق الاختيار ،وهدا ما ادى الى الخروج عن العادات والتقاليد والتربية الاسلامية والوطنية ؟.
ان لجوء بعض الشباب الى التنظيمات الارهابية بدريعة اعلاء كلمة الله ،ولجوء البعض الاخر نحو الافراط بالسلوك والتفريط بالآداب والاخلاق بدريعة الحضارة والتطور في ظل غياب قادة الفكر والاعلام والسياسة وانشغال هؤلاء بخدمة الحزب والتنظيم سيؤدي حتما الى انزلاق المجتمع الفلسطيني نحو الاندثار، ليس بالأخلاق والمعتقدات فقط ،وانما الاندثار بالهوية ايضا ، فمادا يعني ان نرى بعض الشباب يؤمنون بما تقوم به داعش من افعال ويعملون عل تمجيد من يقتل ويقتل تحت لوائها ؟،وما هي الانعكاسات الخطيرة على المجتمع والاسرة فيما لو استطاعت مؤسسات المجتمع المدني ان تحدد العلاقة بين الاب وابنته بعيدا الدين والعادات والتقاليد؟.
ان الانحراف الفكري نتيجة القصور بالمفاهيم والتصورات، ونتيجة ايضا للاستدلالات بالأحكام المخالفة للتربية الاسلامية والوطنية ما كان له ان يحدث لولا غياب قادة الفكر والسياسة والدين عن تحصين عقول الشباب ،بل واستطيع ان اجزم هنا بان غياب هؤلاء عن تحصين العقول وحمايتها من الانحراف لم يأتي اعتباطا ولا قصورا بالفهم ،بل جاء بشكل متعمد لإحداث الصدام بين هؤلاء الشباب خدمة للتنظيمات التي يتبعونها وما كان لتلك التنظيمات ان تنمو ويتزايد نفودها لولا وجود هدا الخلاف والصدام،ولكن السؤال الدي يطرح نفسه الان ادا ما كان هؤلاء قد غابوا عن تحصين المجتمع وعن وقاية الشباب من الانحراف خدمة لتنظيماتهم فلمادا نراهم يغيبون ايضا عن ظاهرة انكسار الاسرة وتقتيت عضدها دراسة وتحليل وحلول؟.
من المؤسف القول هنا ،بان انعكاسات الاحتلال والانقسام ،ونتيجة للحصار وافرازاته ايضا ساهمت في دفع بعض الاسر الفلسطينية عن الانصراف بالاهتمام بتربية الابناء وتعليمهم ،وهدا ما ادى الى انصراف الكثير من الشباب نحو السلوك المخالف للدين والعادات والتقاليد ،وبالتالي وجود ظاهرة الانحراف بالفكر .
بعيدا هنا عن الاتفاق او عدم الاتفاق حول تحميل الاحتلال والانقسام مسؤولية هدا الانحراف، فان على قادة الفكر والسياسة ورجال الاعلام والدين ايضا ان يتداعوا فورا الى عقد المؤتمرات وورشات العمل لبحث كيفية تحقيق الاجراءات التربوية الوطنية منها والاسلامية لوقاية الشباب من الانحراف حتى لا يصبح الصدام بين افراد الاسرة نفسها، ولا بين الاسرة والمجتمع من خلال التعارض بالسلوك بعيدا عن الدين والقانون والعادات المتفق عليها عرفا كما هو حاصل الان في قضية البنات اللواتي هربن من بيت الاسرة سواء اتفقنا مع رواية البنات او اختلفنا معها،وكما هو حاصل في اوساط بعض الاسر المؤيدين لأبنائهم الالتحاق بالتنظيمات الارهابية والمعارضين لها.
ان غياب المقترحات والتصورات والتوصيات ،سواء من المختصين في مجال رعاية الشباب ،وسواء من قادة الفكر والسياسة والدين ورجال الاعلام واقتصار موقف هؤلاء جميعا على نقد فكر دون اخر دون وضع الحلول سيؤدي حتما ليس لانهيار الاسر فقط ،وانما لانهيار التنظيمات التي ينتمون اليها والمشغولين بالدفاع عنها بعيدا عن هموم المجتمع وقضاياه ، وعليه فان حالتي لجوء الشباب الى التنظيمات الارهابية ،ولجوء الفتيات هربا من دويهم الى مؤسسات المجتمع المدني ومخاطبة السفارات ستتحول الى ظاهرة ،وهدا ما سيؤدي الى لجوء بعض الاسر نحو الحسم فيها بعيدا عن الضوابط الدينية والقانونية ،وبعيدا ايضا عن المحددات الوطنية ،فهل من تحرك لقادة الفكر والسياسة ورجال الدين والاعلام بعيدا عن تغليب مصالح التنظيم على مصلحة الدين والوطن لوقف انحدار المجتمع الفلسطيني بالقيم والاخلاق نتيجة ازمة الفكر والتناقض في السلوك ؟.