أوسلو.. والتحرك الفلسطيني في الأمم المتحدة
نشر في : 18 سبتمبر, 2022 01:24 مساءً

رام الله -يبقى اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي "أوسلو" في البيت الأبيض، وبحضور واعتراف دولي، هو الأساس الاعتباري "سياسيا وقانونيا" الذي يستند عليه الشعب الفلسطيني وقيادته للوصول لاقامة دولته على ما احُتل في الرابع من حزيران من العام ١٩٦٧.

وبالمقارنة بين الظروف السياسية والاقتصادية التي شهدها العالم قبيل توقيع اتفاق اوسلو خلال تسعينيات القرن المنصرم واليوم.. نرى التشابه الكبير في المشهد ذاته؛ فالوضع الدولي الذي تشّكل ابان انهيار موازين القوى عقب سقوط الاتحاد السوفياتي، وحالة الاحتقان السياسي في ذلك الوقت داخل اسرائيل.. والانقسام في الموقف العربي بعد أزمة احتلال العراق للكويت، وتراجع مكانة القضية الفلسطينية آنذاك، ذاته يتكرر بوضع دولي جديد يتنبأ بانهاء حالة هيمنة القطب الواحد للعالم، مع ركود اقتصادي ترافقه ازمات بالطاقة والعذاء ستعيد ترتيب خارطة القوى الدولية مجددا، بالاضافة الى عدم الاستقرار نظام الحكم داخل "اسرائيل".. وانقسامات في البيت العربي نتيجة عوامل عديدة منها؛ موجة التطبيع مع كيان الاحتلال.. مما أدى الى تراجع مكانة القضية الفلسطينية على سلم أولويات العرب.

كل ذلك أنتج.. حالة "الجمود التفاوضي" بين الجانبين الفلسطيني الاسرائيلي، وغياب الارادة الدولية بايجاد حل سياسي بناء على الشرعية الدولية الناتجة بالمقام الأول لعدم وجود قيادة اسرائيلية قادرة على اختراق حالة التصلب السياسي الذي فرضه "اليمين الاسرائيلي" ، الذي سعى الى خلق حالة عدم استقرار سياسي داخل الكيان معلنا حالة عداء وكراهية ضد كل ما هو فلسطيني.. مما جعل الاحزاب والائتلافات السياسية الاسرائيلية الاخرى تتجنب تبني طرح "الحل التفاوضي" مع الجانب اللفلسطيني خوفا على شعبيتها بعدم قدرتها على الوصول الى الكنيست الاسرائيلي، وتماهيا مع الخطاب اليميني الاسرائيلي المتشدد، فكيان الاحتلال شهد في السنوات الاخيرة عددا من الانتخابات لم تفضي لاستقرار حكومي اسرائيلي يتبنى مشروع تفاوضي جاد مع الجانب الفلسطيني.

أهمية "أوسلو" تكمن بحقيقة ثابتة؛ انه جاء لتثبيت حق الشعب الفلسطيني بأرضه.. كحكم ذاتي انتقالي يفضي الى دولة فلسطينية مستقلة خلال فترة لا تتجاوز الخمس سنوات من توقيع الاتفاق.. فسعت اجهزة الكيان والاحزاب السياسية العابرة للحكم في إسرائيل الى اجهاض هذا الاتفاق منذ توقيعه.. وطمسه وتعطيله؛ بدءً من اغتيال رئيس وزراء الكيان الأسبق "اسحاق رابين" مرورا بكل محاولات خلق حقائق جديدة على ارض الواقع تقضي على حل الدولتين وضرب مؤسسات السلطة الفلسطينية واضعفها، وهذا ما اعلنته مرارا وتكرارا شخصيات حزبية اسرائيلية، تقر ببرامجها السياسية عدم السماح باقامة الدولة الفلسطينية من أجل الوصول الى سدة الحكم داخل كيان الاحتلال، ورغم ذلك استطاع الفلسطيني بناء اركان دولته ومؤسساتها السياسية والقانونية والحفاظ عليها، وهو ما اعترفت به الجمعية العامة في العام 2012 بقرارها التاريخي باعتماد دولة فلسطين دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة.

اليوم، القيادة الفلسطينية مطالبة باختراق سياسي تماما كأتفاق أوسلو.. بعيدا عن الجائب الاسرائيلي الضعيف والادارة الامريكية المهزوزة، وكسر حالة الجمود التفاوضي بتحرك دبلوماسيا داخل أورقة الامم المتحدة من اجل ترسيخ كيان الدولة الفلسطينية وهو ما يسعى اليه الرئيس محمود عباس حاليا.. بتحقيق العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.. التي اصبحت مؤسساتها قادرة على الانتقال من حكم ذاتي انتقالي تأسس بعد "أوسلو".. الى مفهوم الدولة باجهزتها وكيانها الاعتباري استنادا على الشرعية الدولية وقراراتها، فعلى العالم ان يدرك ان التحرك الفلسطيني يصب في سبيل الحفاظ على حل الدولتين المعترف به دوليا نتيجة اتفاق اوسلو الذي وقع العام 1994.