28 عاما على رحيل هند الحسيني.. نصيرة المرأة والأيتام في فلسطين
نشر في : 14 سبتمبر, 2022 08:57 صباحاً

الناصرة-استذكرت مؤسسة الدراسات الفلسطينية، سيرة هند الحسيني التي رحلت في مثل هذا اليوم عام 1994، وخلفت مسيرة وطنية حافلة خاصة في المجالين التربوي والاجتماعي الأهلي.

وتقول “المؤسسة” إن المقدسية هند الحسيني واحدة من رائدات التربية والعمل التطوعي الإغاثي والاجتماعي في فلسطين، إذ كرست حياتها لرعاية اليتامى وأطفال الشهداء قبل أن ترحل في مثل هذا اليوم الثالث عشر من أيلول/سبتمبر 1994.

وولدت هند الحسيني في القدس، وتلقت تعليمها الابتدائي في مدرسة البنات الإسلامية  قرب المسجد الأقصى، ثم التحقت سنة 1932  بـ”الكلية الإنكليزية للبنات” وتخرجت فيها سنة1937 وتابعت دراستها بنفسها سنة 1938 في آداب اللغتين العربية والإنكليزية. عملت مُدرّسة في “مدرسة البنات الإسلامية” لمدة عام واحد وتوقفت عن التدريس إثر اندلاع الحرب العالمية الثانية لفترة قصيرة، ثم واصلت التدريس فيها حتى أواخر العام الدراسي 1945-1946.

في العام 1948 بدأت هند الحسيني التركيز على العمل الاجتماعي التطوعي، فشاركت في تأسيس “جمعية التضامن الاجتماعي النسائي” في القدس، التي انتشرت فروعها (22 فرعاً) في جميع أنحاء فلسطين. وقامت هذه الجمعية بدراسة أحوال النساء والأطفال في المدن والقرى الفلسطينية، وأنشأت روضات للأطفال، كما نظّمت حملات لمحو الأمية ومراكز لتعليم الخياطة.

وفي شهر نيسان/ أبريل 1948 ، وهي في طريقها لحضور اجتماع للجمعية في البلدة القديمة، رأت هند الحسيني مجموعة من الأطفال المشرّدين في الشارع، أكبرهم في التاسعة من العمر، في حالة تفتت الأكباد، كانوا فارين من قرية دير ياسين بعد المذبحة التي ارتكبتها المجموعات الصهيونية فيها فقرّرت أن تأخذهم على الفور إلى شقتها، ثم نقلتهم إلى منزل عائلتها، ودفعتها هذه الحادثة إلى تأسيس جمعية خيرية لخدمة الأطفال الفلسطينيين الأيتام والمحتاجين. وأطلقت الحسيني عليها اسم “دار الطفل العربي”، التي بدأت بداية متواضعة ثم نمت إلى أن أصبحت، خلال الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن العشرين، مؤسسة تربوية وطنية مرموقة تضم الحضانة ورياض الأطفال، والمرحلة الإعدادية والثانوية، وقسم السكرتاريا، ومكافحة الأمية، والخياطة والتدبير المنزلي.

وكان لـ”دار الطفل العربي” مركبة خاصة تدور بها هند على القرى كي تجمع الأيتام وتأتي بهم إلى مؤسستها، التي كانت تحتضن فيها، في بعض الأحيان، الأم وأيتامها.

وبغية تطوير قدراتها التربوية والاجتماعية، التحقت هند الحسيني بجامعة هامبرغ في ألمانيا، لمدة ثلاثة أعوام متتالية، ولمدة أربعة أشهر في كل سنة خلال الفترة 1963-1965.

وكانت هند قد أسست في سنة1960 ، في “دار الطفل العربي”، متحفاً للتراث الشعبي الفلسطيني، ضم قطعاً أثرية ثمينة وأدوات حرفية تقليدية وأزياء شعبية مطرزة من مناطق مختلفة من فلسطين، ودأبت باستمرار على إثراء مقتنيات هذا المتحف.

وخلال العدوان الإسرائيلي في حزيران/ يونيو 1967، حوّلت هند الحسيني مقر “دار الطفل العربي” مستوصفاً لعلاج الجرحى، ولم يسلم هذا المقر من اعتداء القوات الإسرائيلية، إذ تم قصفه وتدمير نصفه بالكامل، غير أن الصليب الأحمر النرويجي قام بالمساعدة في إعادة بنائه.

وفي سنة 1982، تمّ شراء بيت الأديب الراحل الفلسطيني إسعاف النشاشيبي ليصبح “مركز إسعاف النشاشيبي للثقافة والفنون”، وتمّ إعداده مركزاً للأبحاث الإسلامية ومعهداً عالياً. وقامت هند الحسيني بمعاونة إسحق موسى الحسيني بتأسيس مكتبة في المركز، ضمّت آلاف كتب التراث العربي الإسلامي.

كما أنشأت هند الحسيني، في سنة 1982، بمساعدة “منظمة المؤتمر الإسلامي”، “كلية هند الحسيني للآداب للبنات”، التي انضمت سنة 1995 إلى “جامعة القدس” في أبو ديس، وصارت تمنح درجة بكالوريوس في الآداب، وبدأت هذه الكلية بثلاث دوائر رئيسية هي: دائرة الخدمة الاجتماعية، ودائرة اللغة العربية وآدابها، ودائرة اللغة الإنكليزية وآدابها. ثم تأسست فيها دائرتان جديدتان هما: دائرة التاريخ، ودائرة التربية الابتدائية ورياض الأطفال.

وهكذا تدرجت “مؤسسة دار الطفل العربي” حتى أصبحت تمثّل حياً تعليمياً كاملاً.

وبالإضافة إلى مسؤوليتها عن “دار الطفل العربي”، فقد شاركت هند الحسيني في عضوية العديد من الهيئات الاجتماعية والتعليمية، منها مجلس أمناء  “جامعة القدس”، و”جمعية المقاصد الخيرية”، و”جمعية الرحمة للمسنين”، و”جمعية الفتاة اللاجئة”، و”جمعية اليتيم العربي”.

وقد حصلت السيدة هند الحسيني على عدة أوسمة على نشاطها الاجتماعي الرائد، منها: وسام من البابا بولس السادس خلال زيارته القدس سنة 1964، ووسام “أديلاي دستوري” التقديري الإيطالي للسيدات الرائدات في العالم؛، ووسام الكوكب الأردني للتربية والتعليم، ووسام الدرجة الأولى من الحكومة الألمانية.

توفيت هند الحسيني في مثل هذا اليوم سنة 1994 في القدس ودفنت فيها وتعتبر من أبرز رائدات التربية والعمل التطوعي والاجتماعي في فلسطين، ومن أنجحهنّ نتاجاً وأثراً، حيث كرست حياتها لخدمة شعبها ووطنها ورعاية اليتامى وأطفال الشهداء والمستضعفين.

وخلصت “المؤسسة ” للقول إنه في سنة 2010، اختارت المخرجة الفلسطينية ساهرة درباس أن تروي في فيلمها الوثائقي “كان في جعبتي 138 جنيهاً” قصة عطاء السيدة هند الحسيني من دون حدود في رعاية الأطفال الأيتام. كما تناول جزءاً من سيرة حياتها الفيلم السياسي “ميرال” الذي أخرجه في العام نفسه المخرج الأمريكي جوليان شنابل.