إِذَا شُكِّرتَ قَرَّتْ، وإذا كُفَِِرتَ فَرَّتْ
نشر في : 20 مايو, 2022 07:32 مساءً

رام الله -إنكار النِعَم يأتيِ بِالنِقمْ، فالنعمة إذا شُكرت قرَّت، وإذا كُفِرت فرَّتْ؛ وإن جحود النعم، يأتي بالنقم، وهو داء يحتاج لدواء، وعلينا أن ندعو لمِنكر النعمة بالشفاء من سوء هذا الداءَ!؛ فبعض الناس إلا من رحم الله جحدوا نعم الله عليهم وآلائه، وعَطائه، ولا يشبعون، ولا يشكرون، ولا يؤمنون وعلى الدنيا مسعُورون، متوحشون ويقولون هل من مزيد!!. وكان من الواجب عليهم القناعة، وأن يشكروا نعم الله وفضله وكرمهِ عليهم؛ فنعم الله على عباده لا تعد، ولا تحصى وأولها نعمة الإيمان، والإسلام، ومن ثم نعمة الصحة العافية، والثقافة، والعلم، ونعمة العقل، ونعمة الأمن، والسلام ونعمة المأكل، والمشرب، ونعمة المسكن، والملبس، والمركب، ونعمة الزواج والذرية والقرابة، والصداقة، ونعمة الوظيفة والمنصب، ونعمة السمع، والبصر، واللسان، واليدين، والقدمين، ونعمة المال، ونعمة الصُحبة الصالحة ونعمة بطانة الخير، وغير ذلك من النعم الكثيرة جدًا التي لا تعُد ولا تُحصى يقول الله عز وجل:  ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ الله لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾، وقال عز وجل: ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله ﴾؛ وجاء في الحديث الصحيح عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلهِ الذِى أطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لاَ كافي لَهُ وَلاَ مُؤْوِي"، قَالَ نبينا، وحبيبنا سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"« مَنْ  أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ  يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا"". فيجب علينا أن نحمد الله عز وجل على كل حال مهما كانت الأمور صعبة، ومعقدة، وأن نرضي بما قسمهُ الله لنا مع المداومة على الذكر، والحمد، والشكر، والثناء على الله عز وجل باللسان، والقلب، والجوارح؛ يقول العالم الجليل الفضيل بن عياض رحمه الله: «عليكم بملازمة الشّكر على النّعم، فَقَلّ نعمة زالت عن قوم فعادت إليهم»؛ وقال رحمه الله: «من عَرَف نعمة الله بقلبه، وحمِده بلسانه، لم يستتمّ ذلك حتّى يرى الزّيادة، لقول الله تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾، ويجب المحافظة على النعمة، وحتى لو كانت كَسَرة خُبز، وعدم الاسراف، والتبذير، وخاصة لمن يُلقون باقي فضلات الطعام، أو الخبز الزائد على مائدة الطعام في حاوية القمامة!!. جاء في الحديث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: "دخلَ عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ فَرأى كِسْرَةً مُلْقَاةً فَمَشَى إليها فأخذَها ثُمَّ مسحَها فَأكلَها ثُمَّ قال: "لي يا عائشةُ أَحْسِنِي جِوَارَ نِعَمِ اللهِ تَعالَى، فإنَّها قَلَّ ما نَفَرَتْ من أهلِ بَيْتٍ فَكَادَتْ أنْ تَرْجِعَ إليهِمْ"، وإن كان الحديث ضعيف، ولكن يُستَّأنَس به لأنهُ يعتبر من فضائِل الأعمال، وجاء عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله:" "اخشوشنوا فان النعمة لا تدوم"؛ وقال ابن الغرس: "تمعدوا واخشوشنوا واخلولقوا وامشوا حفاة أليق"؛ كما حرص الاسلام على العمل، وعدم الكسل والاجتهاد والسعي في مناكب الأرض الواسعة، فقال صلى الله عليه وسلم: "إن قامتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكم فسيلةً فإن استطاعَ أن لا تقومَ حتى يغرِسَها فليغرِسْها"؛ فالشَّريعَةُ الإسْلاميَّةُ شَجَّعَتِ على إعْمارِ الأرضِ وزِراعَتِها، كما رغَّبَتِ المُسلِمَ ليكونَ راضيًا، حامدًا، وإيجابِيًّا في كُلِّ أحْوالِه، وأنْ يكونَ نافِعًا لنَفْسِهِ ولغَيْرِه، وقد حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على كُلَّ فِعلٍ من أفعالِ البِرِّ والإحْسانِ والصَّدَقَةِ والنَّفْعِ للغير حتَّى ولو لم يَرَ الفاعلُ ثَمرتَه، كما قال في هذا الحَديثِ: "إنْ قامَتِ السَّاعَةُ " أي: إذا ظَنَّ أحَدُكُم ظَنًّا أكيدًا أنَّ القِيامَةَ بأشْراطِها ومُواصَفاتِها قد قامَتْ "وفي يَدِ أحَدِكُم فَسِيلَةٌ"، أي: نَبْتَةٌ صَغيرةٌ مِنَ النَّخْلِ، "فإنِ اسْتَطاعَ أنْ لا تَقومَ حتى يَغْرِسَها فلْيَغْرِسْها"، أي: يَزْرَعُها في التُّرْبَةِ، ولا يَتْرُكُ عَمَلَ الخَيْرِ والنَّفْعِ، وهذه مُبالَغَةٌ وحَثٌّ على فِعلِ الخَيْرِ حتى في أحْلَكِ الظُّروفِ، ولو ظَنَّ صاحِبُه انْعِدامَ الانْتِفاعِ به، ومِن أنْواعِ الخَيْرِ غَرْسُ الأَشْجارِ وحَفْرُ الآبارِ لتَبْقَى الدُّنْيا عامِرَةً إلى آخِرِ أَمَدِها، فكما غَرَسَ غَيْرُك ما شَبِعْتَ به؛ فاغْرِسْ لِمَنْ يَجِيءُ بعدَك في الحَديثِ الحضُّ على استمراريَّةِ العملِ في الخَيرِ إلى آخِرِ لَحظةٍ في العُمُر ولذلك ورغم صعوبة الحياة التي نحياها اليوم وبحر الهموم، والأحزان التي يعيشها الكثير من الناس، ورغم ذلك يجب علينا أن يكون لساننا رطبًا بِذكر الله، وقلوبنا راضية بما قسمه الله لنا، وأن تتوكل على الله، لا أن نَتَواكَل!؛ فبالشُكر تدوم النعم وتزداد، وكل شيء عند رب العباد بمقدار، ولكم في الأرض مُستقر ومتاع إلى حين، منذ أن تكون جنين تم تأتي للدنيا، وحتي يحين الحين لتعود لبطن الأرض مَدفوُن، وختامًا فلنتذكر: بآن إنكار النِعَم يأتيِ بِالنِقمْ، والنعمة إذا شُكرت قرَّت، واستقرت، وما فَرتَ، وإذا كُفِرت فرَّتْ؛ وما قرت، ولا استقرت، وإن جحود النعم حتمًا  يأتي بالنقم، والألم..
الباحث، والكاتب، والمحاضر   الجامعي، المفكر العربي، والمحلل  السياسي
                                   الكاتب  الأديب  الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو  نحل
  عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء  مصر، رئيس المركز  القومي لعلماء  فلسـطين
 رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للاجئين، عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب
  عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية
 [email protected]