شهيدة الخبر تنتصر بدمها على اسرائيل
نشر في : 12 مايو, 2022 12:09 مساءً

نبض الحياة 

رام الله -استشهاد شيرين أبو عاقلة، كان تراجيديا، ذكرني باستشهاد كل من الوزير زياد أبو عين، رئيس هيئة مكافحة الجدار والاستيطان الاسبق في العاشر من ديسمبر 2014 في قرية ترمسعيا، وهو يزرع الزيتون ليغرس الجذور الفلسطينية في ارض الوطن، واستشهاد الناشط الفلسطيني المقعد إبراهيم أبو ثريا على السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة واراضي ال48، اثناء مشاركته فيما اطلق عليه مسيرات العودة في 15 ديسمبر 2017، والذي بترت رجليه نتاج الاجتياح الإسرائيلي لمحافظات الجنوب نهاية عام 2008، وهناك الكثير من الابطال التراجيديين الفلسطينيين، الذين قدموا ارواحهم دفاعا عن الحقيقة والرواية الفلسطينية، وان اختلفت مهامهم ومواقع عملهم وخلفياتهم. لكن في هذه اللحظة لم تسعفني الذاكرة الا باستحضار كل من الشهيدين زياد وإبراهيم. 
كانت الإعلامية النبيلة، التي وثقت خلال ربع قرن من عملها في مؤسسة الجزيرة الفضائية كما هائلا من الجرائم الإسرائيلية ضد أبناء شعبها العربي الفلسطيني، وسلطت الضوء عليها من خلال تغطيتها الدؤوبة والمتميزة لمعظم الاحداث الهامة منذ انتفاضة الأقصى الثانية في عام 2000 حتى يوم الدنيا هذا عنوانا وعلما ورقما نوعيا في ميدان الدفاع عن الحقيقة وكشف وجه إسرائيل الاجرامي. ورغم ترجلها عن مسرح الخبر والحدث بعد ان استهدفها احد قناصة جيش الموت والجريمة المنظمة الإسرائيلي في مخيم جنين غراد، اثناء محاولة اقتحام القوات الصهيونية للمخيم في استهداف مباشر وعن سابق تصميم وإصرار لاغتيالها، الا ان دمها الزكي اضاء سماء الدنيا، كأنه سراج منير وعرى اسرائيل. وكشف مجددا حقيقتها كدولة استعمار وارهاب منظم تخشى النور والضوء، وترفض حرية الرأي والتعبير، وتعمل على حجب المعلومات والرواية والوثيقة الحقيقية عن جرائم حربها، لذا كانت اصابع جنودها الاسبارطيون على الزناد، لاطلاق الرصاص الحي على الاعلاميين والمنابر الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية دون تفريق. 
وعليه لم يكن اغتيال المرأة الشجاعة والمعطاءة، ايقونة الاعلام الفلسطيني عملا عرضيا، او صدفيا، لا بل استهداف مقصود، وموجه، أراد منه قادة جيش العصابات الصهيونية الاجرامية خنق وتبديد الرواية الفلسطينية، وملاحقة فصولها ومنابرها وعناوينها بهدف شطبها وتصفيتها، لتسييد روايتهم المزورة، التي لا تقبل القسمة على حقائق التاريخ والجغرافيا والموروث الحضاري في ارض ووطن الشعب العربي الفلسطيني. 
وأدوات دولة التطهير العرقي الإسرائيلية القاتلة لا تميز بين اعلامي وإعلامية، ولا بين منبر ومنبر، فكل اعلامي أي كان جنسه وعمره ومنبره وهويته القومية معرض للاغتيال، طالما يدافع او على الأقل ينقل الخبر والصورة والمشهد عن جرائمها ضد الشعب الفلسطيني ويعريها ويفضح حقيقتها للعالم اجمع. 
ومحاولات إسرائيل وجيشها الالتفاف على حقيقة اعدامها للاعلامية الخلوقة والمبدعة أبو عاقلة، وهي ترتيدي سترة مدون عليها هويتها الصحفية، والادعاء بان من اطلق الرصاص هم الفلسطينيون، ليس الا تزويرا وتلفيقا وافتراءا على الحقيقة. ولا يجوز للعالم ان ينجر الى متاهة إسرائيل العبثية المعروفة في خلط الأوراق، ودس السم في الدسم. وبالتالي على العالم ومؤسساته الإعلامية والقانونية والطبية الأممية ان تدرك الحقائق التالية: أولا دولة إسرائيل الاستعمارية، هي القائمة بالاستعمار على الأرض الفلسطينية على مدار ال74 عاما الماضية؛ ثانيا من يقوم بعمليات التطهير العرقي في الأرض الفلسطينية وضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني هي أدوات إسرائيل التنفيذية العسكرية والأمنية؛ ثالثا القوة العسكرية التي جاءت لاقتحام مخيم جنين، هي الجيش الإسرائيلي، وهو المستهدف أبناء الشعب في المخيم وأيضا وسائل الاعلام التي جاءت لتغطية جريمته الجديدة؛ رابعا من يقوم بعمليات التحريض اليومي على القتل ونهب الأرض واخذ القانون باليد، والذي يدعوا قطعان المستعمرين لحمل السلام واطلاق الرصاص دون وازع أخلاقي او قانوني ولمجرد الشك على المواطنين الفلسطينيين، هي حكومات إسرائيل المتعاقبة؛ خامسا من يحمي القتلة الصهاينة من العقاب هي الحكومات الإسرائيلية، والتي سنت العديد من القوانين للتغطية على جرائم القتل الفاشية، والتي تتم على مدار الساعة في الأرض الفلسطينية، كما حصل امس الاربعاء باستهداف احد الشباب على جبل الطويل في مدينة البيرة واردته شهيدا بعد اغتيال شيرين، وأيضا استهدفت احد الشباب في المسجد الأقصى، والقائمة تطول، ولا يتسع المقام لاستحضار عمليات القتل الإسرائيلية الجبانة للفلسطينيين بدم بارد؛ سادسا الدولة المحمية من القانون الدولي والملاحقة الأممية هي إسرائيل بدعم مطلق من الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب الرأسمالي، التي تكيل بالف مكيال. وبالتالي محاولات تغطية الشمس بغربال لا يفيد إسرائيل ولا من يحاول تغطية جرائمها. 
اغتيال شهيدة الخبر شيرين أبو عاقلة فضح وعرى دولة الإرهاب الإسرائيلية المنظم، واماط اللثام مجددا عن وجهها القبيح والفاشي، ورغم سقوطها مدرجة بدمها، الا ان شيرين انتصرت بدمها على دولة إسرائيل، وامست امس سيدة الاخبار على فضائيات الدنيا كلها، لانها انطقت الحقيقة بدمها، وقالت للعالم الحر الرأسمالي الغربي هذه هي صورة وشواهد ومعالم مستعمرتكم القاتلة، التي زرعتموها لاستباحة الدم الفلسطيني والعربي عموما، كفى تغطية على عار حمايتكم لدولة القتل والجريمة المنظمة والفاشية الصهيونية، توقفوا عن معاييركم المزدوجة، انصفوا شعبي المنكوب والمكلوم منذ ما يزيد على القرن، تحرروا من شجعكم وارهابكم، وطبقوا ولو لمرة واحدة القانون الدولي على ارض فلسطين المغتصبة والمحتلة منذ بلفور والانتداب البريطاني وصولا للدولة الفاشية، دولتكم الصهيونية الافة السامة.
 ستبقى الإعلامية المدافعة عن الحقيقة، التي حملت طيلة سنوات عملها الخمسة والعشرين الماضية في المنابر الإعلامية المختلفة راية الامل والنور شمعة مضيئة في سماء فلسطين، وعنوانا راسخا في سجل الخالدين بين اعلامي ورواد الحرية والسلام والكلمة الصادقة من اقرانها الفلسطينيين. وداعا شيرين المرأة الفلسطينية الاصيلة، غادرت المسرح باكرا، لكنك كنت وستبقي عنوانا راسخا ومتجذرا في معركة الدفاع عن الرواية الوطنية والسلام. وسلاما لروحك الابية.
[email protected]
[email protected]