موسم السينما المصرية: نجاحات محدودة وخيبات غير متوقعة

31 يناير, 2025 11:47 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

رام الله - لم تتمكن كل الأفلام التي تم عرضها في نهاية الموسم الصيفي وبداية الموسم الشتوي، من تحقيق الأرباح المتوقعة، باستثناء فيلمين أو ثلاثة أفلام فقط، كان لهم نصيب الأسد من الأرباح في شباك التذاكر، وربما اختلف الترتيب في حصيلة الإيرادات بنسب قليلة بين هذه الأفلام، التي جاءت في المقدمة.
لقد تجاوز فيلم «ولاد رزق 3» بطولة عمرو يوسف وأحمد عز وإخراج طارق العريان سقف التوقعات بالفعل، في سباق الموسم الأول فكان له السبق في تسجيل مُعدلات مُرتفعة بشكل ملحوظ، أدت إلى تغيير معايير السوق والمُعادلة الحسابية والرقمية، بعد حدوث توازن مقبول في سوق العرض والطلب السينمائي لفترة محدودة، بمعنى أن نسب الإيرادات قبل عرض الجزء الثالث من فيلم ولاد رزق، كانت مُتقاربة إلى حد كبير بين الأفلام الرئيسية ذات الإنتاج الضخم. وبالطبع لم تكن الأفلام ذات المستوى المتوسط والأفلام قليلة الإنتاج مُدرجة ضمن حسابات الشباك، ومعظمها خرج من السباق الموسمي مُبكراً بشرف التمثيل فقط، بلا أدنى توقف نقدي أو جماهيري أمام المستوى الفني والضمني، كأن هذه الأفلام مجرد فقاعات هواء لا تُمثل أي تأثير يُذكر، لا على المستوى الإبداعي ولا المستوى السوقي التجاري للفيلم الذي يُشكل سلعه استهلاكية لدى قطاع مُعين من الجمهور.
هناك أفلام لم ترق في إيراداتها إلى مستوى المنافسة القوية، ولم تحتل بالطبع الصدارة في قائمة الأرقام، ولكنها حظيت بالنجاح وقُدرت كإبداع متميز في قيمته الفنية والموضوعية، كفيلم «آل شنب» على سبيل المثال للمخرجة أيتن أمين وبطولة ليلى علوي وسوسن بدر ولبلبة وأسماء جلال وحسن مالك. وقد يعود تميز الفيلم إلى مهارة المخرجة وخبراتها أو نجومية البطلة ليلى علوي، التي لا تزال تتمتع برصيد وفير من القاعدة الشعبية التي كونتها عبر سنوات تألقها ووجودها الطاغي على الساحة الفنية، كإحدى أهم نجمات السينما المصرية في فترة التسعينيات وما بعدها، وبالقطع كان لوجود اسمين كبيرين كسوسن بدر ولبلبة في الفيلم عاملاً مؤثراً بقوة في إنجاحه ورضا الجمهور والنُقاد عنه، بغض النظر عن الفارق الرقمي في الإيرادات بينه وبين أفلام أخرى، لأن معيار الأرقام مُختلف عليه في الأساس فهو ليس المعيار الوحيد الذي بموجبه يتحدد مستوى جودة الفيلم من عدمه.
فيلم «أهل الكهف» أيضاً كان واحداً من الأفلام المُتميزة في الفكرة والمضمون والتوظيف، وحسب الأسماء التي شاركت في صناعته كان حتماً أن يصبح ضمن الأفلام الأكثر تميزاً والأكثر ربحاً، فالقصة مأخوذة عن مسرحية شهيرة للأديب توفيق الحكيم، والمُعالجة السينمائية كتبها الكاتب المُتمرس أيمن بهجت قمر والإخراج كان للمخرج عمرو عرفة. أما البطولة فقد أسندت لمجموعة نجوم كبار هم خالد النبوي وغادة عادل ومحمد ممدوح ومحمد فراج، وكلهم أصحاب تجارب مُعتبرة وقيمة في السينما والدراما التلفزيونية، لكن لأن المقاييس صارت مُتغيرة وخاضعة لاعتبارات كثيرة غير الجودة فلم يُحقق الفيلم ما كان مُنتظراً من الناحية الجماهيرية، فهو لم يخسر ولم يكسب وإنما خلف الظنون وخيب الآمال في تأثيره، رغم قيمته المُتفق عليها من السينمائيين، أو على الأقل نسبة كبيرة منهم.


كذلك جاء فيلم «الهوى سُلطان» لمخرجته ومؤلفته هبة يسري، جيداً وقوياً من حيث الموضوع وكيفية التوظيف، وأيضاً متميزا في المستوى التمثيلي لأبطاله، منة شلبي وأحمد داود. بيد أنه لم يُحقق قفزات أو وثبات واضحة كعمل فني بارز بين الأفلام التي تم عرضها خلال الموسم الفائت، ما يعني أنه قد ظُلم بعض الشيء ربما لسوء توقيت العرض أو لظروف أخرى، الأمر الذي يستدعي ادخاره لموسم آخر، أو عرضه ضمن ما يُسمى بالأوف سيزون، ليدخل الجولة الثانية من السباق عله يُحدث أثراً أقوى مما أحدثه في العرض الأول.
ويُعد فيلم «الحريفة 2» واحداً من الأفلام النوعية إلى حد ما فأحداثه تدور في جو درامي خاص عن لعبة كرة القدم، وارتباط الأبطال باللعبة الشعبية التي يرون فيها مستقبلهم وآمالهم، وفي سبيل تحقيق حُلم النجاح والشهرة يواجهون تحديات كثيرة تؤدي إلى تغير أوضاعهم الشخصية والاجتماعية بشكل كبير ومثير. الفيلم تأليف إياد صالح وإخراج كريم سعد وبطولة عدد من النجوم الشباب، نور النبوي وأحمد غزي ونور إيهاب وخالد الذهبي وأحمد بحر وآخرين، وقد حقق نجاحاً جماهيرياً ملحوظاً بين رواد السينما الشباب، كونه يُخاطب رغباتهم ويتوافق مع ذوقهم الفني في مرحلتهم العُمرية الراهنة.
يبقى الفيلم الأهم والأبرز «رفعت عيني للسما» للمخرجين ندى رياض وأيمن الأمير، وهو فيلم وثائقي اكتسب أهمية قصوى بعد فوزه في الماراثون العالمي لمهرجان كان بجائزة العين الذهبية كأفضل فيلم وثائقي، وجائزة الإتحاد الأوروبي، بالإضافة لحصوله على جائزة أخرى في مهرجان الجونة خلال دورته السابعة وعرضه في أكثر من مهرجان دولي وعالمي. الفيلم حظي بتأييد كبير لتميزه شكلاً وموضوعاً فجميع المُشاركين فيه هواة وليس لهم تجارب سابقة في السينما، وهم من سُكان مدينة المنيا في صعيد مصر، اجتهدوا في صناعة فيلمهم ليُعبروا عن أنفسهم ومشاكلهم الخاصة وواقعهم الاجتماعي والثقافي بمنتهى العفوية والتلقائية والبساطة.

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار