المَسَاكِينْ 

18 اكتوبر, 2024 08:25 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

غزة - بشر الصابرين المُحَتَسِّبِين من الفقراء، والمساكين المكلومين، المقهورين، المظلومين، المُتألمين، المُضطهدين، المجروحين والثكالى، والأيتام، والأرامل، من السالكين دُروب الصالحين، ممن يُطاردهم الأسى، والحَزنَ، والمصائب، والنوائب بِجناتِ النعيم المُقيم؛ بعدما تاهت، وهامت، وحارت الأفكار، ودارت، ومرت بِِهم أيام عجاف تَحُورت، وفاتت، وفتنت، وفتت وأفنت، ودفنت فما أبقت!؛ ثم راحت، وذهبت بأنفُسهم وأنَاحَتْ!؛ وما انفكت طابت أجسادهم من القروح، وما فتأت ارتاحت من الجُروح؛ وفجأة جاءت الحرب، ورجعت أوجعت، وأوحشت، وقتلت، وأحرقت، وأفجعت، وأدمعتَ وأبَكتْ وأَدمتْ، وسَحقت، ومَحقت، ومَحت، ومسحت، وأزالت؛ ودامت أكثر من عام فّأدَّمَتْ، وطالت، وطُولتْ، وجالتَ، وصالت طائرات الموت للعدو الصهيوني الخبيث، المَقٍّيِتْ، المُميِتْ، وحَامت في الجو، وحَلقت، واخترقت جدار الصوت، وقصفت وأحرقت، وقتلت المساكين فما أبقت، وأُزهقت الأرواح، وطُمست الليالي الملاح!؛ وتلاشت من حياة السالكين الصالحين المساكين الساكِنيِِنْ الأفراح، وحلت الأحزان، والأتراح، وعاشت غزة في الحرب دُنيا بلا صفاء، ولا هناء، وهمًا مُذاب، فلم تذُق رحيقًا، بل حريقًا، وُهمْ أحياء فوق التُراب في خِيم النزوح ذاقت الناسُ المِسِكيِنة مُرِ العذاب، بالقصف والإرهاب!. وتكشفت في الحرب بعض العورات، وبانت الفجوات، وحلت النكبات، والصرخات، والصيحات؛ ودُمرت المنازل والجامعات، والمساجد، والمُستشفيات، والمؤسسات، وقُتلت، واستشهدت أغلب النساء العفيفات الشريفات المؤنسات الغاليات، الصابرات وقُتلِ الأطفال الأبرياء وقطعوا غربًا وتمزقت أجسادهم الطاهرة أشلاء، وتعالت الصَيحَات والتكبيرات!؛ بعدما تَحَكمتَ، وحَكمت، وتمكنت، وسيطرت، واحتلت غزة عصابة جُنود الصهاينة القتلة الخنازير الأوغاد أولاد الزانيات الفاجرات الكافرات اليهوديات!؛ وظل الفلسطينيين صامدين صابرين على الذات وفقدان كل الملذات وتَعاظم الموت، وزِيَادِّة المُصيبات، والويلات، والآهات، والصيحات من الأمُهات الفلسطينيات الماجدات الصابرات المُجاهدات المُحتسِباتْ رغم حرب الإبادة، وبحرِ لُجيٍ من الظُلمات؛ ولكن النفوس انجلت بعدما وجَلت حينما سمعت أن الصافرات دوت، وقصفت المقاومة المغتصبات، وأغلب المستوطنات.
 نبشركم أيها المساكين من المؤمنين المتقين المُحتسبين المُخلصين من أبناء الأمة العربية، والإسلامية، وبالأخص شعب الجبارين الموحدين في فلسطين الصابرين المرابطين المجاهدين، برغم كل المصيبات، والنكبات، ومن ينامون في الطُرقات!. ومن فقدوا أعز الأحباب، والأهل، والأصحاب، والبيوت، والضيعات، والآباء، والأمهات، والأخُوة، والأخوات والخالات والعَمات، والبِنَات، حينما تنتهي الدنيا وتكون لكم الجنات، والرحمات، وكل الخيرات، والرحيق المختوم ختامهُ مسك في بعد الصبر الجميل، والتضحية؛ والاحتساب؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، فيا أيها المساكين المؤمنين الموحدين الصابرين اللهم اجعلنا من المساكين، ومع المساكين المُتقين الذين قال جل جلاله فيهم: "إن المُتقين في جناتٍ، ونهر في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مُقتدرٍ".
 وهنا يدور في العقل سؤال عن المساكين في سورة الكهف أصحاب السفينة في قوله تعالى: "أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ"؛ فكيف يكونوا مساكين، وهم يملكون سفينة كاملة؟!؛ والجواب لأن السفينة هي مصدر دخلهم  ورزقهم الوحيد فإن غرقت، أو حُرِقت السفينة ذَهب، وراح مصدر سعيهم، ورزقهم، وكسبِهم " من خلال تلك السفينة". وطوبى للمساكين المُتقين، الصابرين، وحُسن مئاب بعد الممات، والرحيل من دار الدنيا الفانية، إلى الدار الأخرة الباقية حينئذٍ لا خوف عليهم، ولا هم يحزنون، ونسُوق البُشري للمساكين من سيد الأنبياء، والمرسلين؛ فقد جاء في الحديث الصحيح عن الصحابي الجليل أنسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "اللَّهُمَّ أحْيِني مِسكينًا وأمِتْني مِسكينًا" قيل: إنَّ هذا الدُّعاءَ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليس لِتمنِّي الفَقرِ والمَسكنةِ، وإنَّما هو طلَبٌ لِلتَّواضُعِ والذِّلَّةِ للهِ فلم يَكُنْ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقيرًا مِنَ المالِ قطُّ، ولا كانت حالُه حالَ فَقيرٍ؛ فقد كانَ أغنى النَّاسِ باللهِ، وقد كَفاهُ اللهُ دُنياه في نَفْسِه وعِيالِه، وكأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سألَ اللهَ تَعالى ألَّا يَجعَلَه مِنَ الجَبَّارينَ والمُتكبِّرينَ، وألَّا يَحشُرَه في زُمرةِ الأغنياءِ المُرَفَّهينَ. "واحْشُرْني في زُمرةِ المَساكينِ"، أي: اجمَعْني في جَماعَتِهم يَومَ القِيامةِ، وفي هذا رِفعةٌ وتَعظيمٌ وتشريفٌ لهم، والزُّمرةُ: الجَماعةُ، فقالتْ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَقِبَ دُعائِه بهذا الدُّعاءِ: "لِمَ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: إنَّهم يَدخُلونَ الجَنَّةَ قَبلَ أغنيائِهم بأربَعينَ خَريفًا" فهم يَدخُلونَ الجَنَّةَ قَبلَ الأغنياءِ بوَقتٍ طَويلٍ؛ ولَعَلَّ ذلك لِيُسرِ حِسابِ الفُقراءِ؛ لِقِلَّةِ ما كان عِندَهم في الدُّنيا، أمَّا الأغنياءُ فيَطولُ حِسابُهم على ما كان عِندَهم مِن مَتاعِ الدُّنيا، وهذا يَعني البُشرى لِلفُقراءِ بسُرعةِ دُخولِ الجنَّةِ، والحَثَّ لِلأغنياءِ على الاستِعدادِ لذلك المَوقِفِ بتَطيبِ مَكاسِبِهم. ثم قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يا عائِشةُ، لا تَرُدِّي المِسكينَ، ولو بشِقِّ تَمرةٍ" فأعطيه ما تَسَتِطيِعين وإنْ كانَ قَليلًا يُعادِلُ نِصفَ تَمرةٍ. "يا عائِشةُ أحِبِّي المَساكينَ وقَرِّبِيهم" إليكِ بعَطفِكِ عليهم، والتَّصدُّقِ بما لديكِ؛ "فإنَّ اللهَ يُقرِّبُكِ يَومَ القِيامةِ" جَزاءً على تَقريبِكِ لِلمَساكينِ؛ فإنَّ الجزاءَ من جِنسِ العمَلِ. ففي هذا الحَديثِ دعا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنْ يَكونَ مِسكينًا، وأنْ يَموتَ مِسكينًا، وأنْ يُحشَرَ معهم يَومَ القِيامةِ، ولكِنْ في أحاديثَ أُخرى كانَ يَستَعيذُ مِنَ الفَقرِ، ووَجهُ الجَمعِ: أنَّ الفَقرَ المُستَعاذَ منه هو الذي لا يُدرَكُ معه القُوتُ والكَفافُ، ولا يُستَقَرُّ معه في النَّفْسِ غِنًى؛ لِأنَّ الغِنَى عِندَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غِنَى النَّفْسِ. وفي الحَديثِ: الحَثُّ على حُبِّ المَساكينِ والفُقراءِ والإحسانِ إليهم. وفيه: فَضيلةُ فُقراءِ المُسلِمينَ؛ ولسوف يفرح المجاهدين والفقراء والمساكين المرابطين في فلسطين، والمسجد الأقصى المبارك، وأكَنافهُ، وفي غزة المباركة الصامدة الصابرة العظيمة خاصة أبناء غزة المساكين المكلومين المنكوبين المجروحين، وفيهم الآن ألاف من الثكالى، والأرامل، والأيتام، ممن فقدوا السند والظهير، والنصير، والحنين، ويشتد خوف النائمين في الخيام من القصف الصهيوني الإجرامي الدائر في كل مكان فيه النازحين المقهورين، والذين يتعرضون لأشد ابتلاء، وفقدان الأمن، والأمان، والمال، والولد، ويفتك بهم الجوع، والعطش والمرض، ويُطاردهم الموت، وتستمر معاناتهم، والنزوح من مكان إلى مكان باحثين عن بعض الأمان بين الخيام لعلهم يجدون مكان يجلسون فيه، وينامون بسلام!؛ بعدما فقدوا الكثير من الأحباب، وبيوتهم قُصفت ودمرت، ويتواصل الألم، والأمل  بعد مُضي عام مر على المساكين الأطهار كأنهُ ألف عام؛ ضاعت فيه الأحلام، والسلام!؛ ومات الضمير الإنساني العالمي  والمؤسسات الدولية، والعالمية، والأمُمية؛ وأما زعماء، وقادة العالم فحالهم مثل السكران الظالم الغارق في الظُلم، والظلام يقدم الدعم للقاتل المُجرم، ثم يطالب كذبًِا بتحقيق السلام!.
فيا أيها المساكين الأبرار الأطهار الأتقياء الأنقياء سلامٌ لكم، وسلامٌ عليكم، مليار سلامٍ، وسَلام؛ وأما أُمة الإِسلام من النيام عليها السَلام!؛ وأما أنتم يا معَشر الفقراء والمساكين من أهل الإيمان، فلكم الأمن والأمان والسلام وجنات الرحمان والرضوان
الباحث، والكاتب الصحفي، والمفكر العربي الإسلامي، والمحلل السياسي
الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر/ محمد عبد الله أبو نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
الأستاذ، والمحاضر الجامعي غير المتفرغ/ غزة ــ فلسطين
رئيس الاتحاد العام للمثقفين، والأدباء العرب بفلسطين
واتس/ 00972598919333 
[email protected]

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار