خلفيات حرب التنكر للحقوق

22 يوليو, 2024 01:47 مساءً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة

رام الله- الصراع مع الاستعمار الإسرائيلي الاجلائي الاحلالي الاستيطاني النازي، الذي يختلف ويتميز عن اشكال الاستعمار كافة بطابعه ومحتواه التطهيري العرقي للشعب العربي الفلسطيني، وإحلال اليهود الخزر الصهاينة من اثنيات وشعوب العالم المختلفة تجسيدا لدورهم الوظيفي كمرتزقة في تحقيق أهداف اسيادهم في الغرب الامبريالي في فلسطين والوطن العربي عموما، الذين أرادوا من "إقامة وطن لليهود الصهاينة" في فلسطين انجاز أكثر من ملف، الأول التخلص من المسألة اليهودية في بلدانهم، عبر ارضائهم بإقامة "دولة لهم"؛ ثانيا تحويل اليهود الصهاينة من أداة صراع في بلدانهم، الى أداة وظيفية خادمة لمصالحهم في العالم العربي؛ ثالثا اعتماد رواية مزورة وملفقة لتحقيق عملية النفي والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني، ووضعوا شعارا ناظما لهم مفاده "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض!".
سلفا أنكر اليهود الصهاينة وجود الشعب الفلسطيني في ارض وطنه الام الممتد عبر حقب التاريخ الطويلة، ومنذ وجدت مدينة اريحا، أقدم مدن التاريخ الإنساني قبل عشرة الاف سنة، حيث كان الكنعانيون واسلافهم موجودين. ولكن حتى تستقيم عملية التزوير والتضليل للصهاينة، الذين لا يعرف الغالبية منهم شيئا عن فلسطين، قبل ترك مجتمعاتهم الاصلانية وأتوا للوطن الفلسطيني تحت تأثير عمليات غسل الدماغ الديني والسياسي، ومقابل الاغراءات المالية، وبعضهم أُرغم على المجيء تحت التهديد والعنف والترهيب من فوبيا العرب والمسلمين، وخاصة العرب من اتباع الديانة اليهودية، الذين نقلوهم ليكونوا أداة وخدم لليهود الخزر في العمل الأسود، ولضرورات الحاجة للديمغرافيا. لا سيما وان عدد المهاجرين اليهود الصهاينة من أوروبا والولايات المتحدة وروسيا وأوروبا الشرقية كان متواضعا ومحدودا عشية الإعلان عن قيام إسرائيل، وبعد قيامها، حتى ان بن غوريون آنذاك كان ضد تهجير اليهود العرب لفلسطين لذات السبب السابق.
واعتمد قادة الحركة الصهيونية وإسرائيل، التي أقيمت على أنقاض النكبة الكبرى للشعب الفلسطيني في مايو 1948 على انتهاج سياسة الخطوة خطوة، والقضم التدريجي للأرض والنفي للمواطنين الفلسطينيين في آن لتحقيق هدفهم الاستراتيجي، وفي معادلة متكاملة تسير على خطين متوازيين لتوسيع وتعميق سيطرتهم على أرض فلسطين التاريخية ونفي الشعب.
ودون التوسع في سرد المسار التاريخي لمراحل تطور المشروع الصهيوني ودولته اللقيطة إسرائيل خلال العقود الماضية من الصراع الفلسطيني الصهيوني، وبالتوقف امام مصادقة الكنيست فجر الخميس 18 يوليو على مشروع قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية بين البحر والنهر، وذلك تكريسا لقرارها السابق في 21 فبراير الماضي، الذي يرفض الاعترافات الدولية "أحادية الجانب" بالدولة الفلسطينية، الذي صوت لصالحه 99 نائبا من الموالاة والمعارضة الإسرائيلية.
وينص القرار الجديد الذي حصد 68 صوتا من أعضاء البرلمان الإسرائيلي، على أن "الكنيست يعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن، ويعتبر أن "إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل سيشكل خطرا وجوديا على دولة إسرائيل ومواطنيها، وسيؤدي الى إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة."
كما أن القرار الجديد جاء تجسيدا ل"قانون القومية الأساس للدولة اليهودية" المصادق عليه في 19 يوليو 2018، ونفت من خلاله السلطة التشريعية الاسرائيلية أي حق تقرير مصير للشعب الفلسطيني بين البحر والنهر، وهو أيضا امتداد لصفقة القرن المشؤومة، التي دشنها الرئيس السابق للولايات المتحدة، دونالد ترامب، وشرع بتنفيذها في 6 ديسمبر 2017، الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية.
ويأتي هذا التسارع في المصادقة على سلسلة من القرارات والقوانين العنصرية المعادية للسلام والتعايش لقطع الطريق على إقامة الدولة الفلسطينية استنادا لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967، وطمس القضية والحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، وحتى الحق في الحياة على ارض الوطن الفلسطيني. لان قادة إسرائيل الصهاينة وصلوا لاستنتاج سابق على 7 أكتوبر 2023، وتعمق في إثره بأن اللحظة التاريخية لنفي الشعب الفلسطيني، ولتحقيق أوسع عملية تطهير عرقي لأبنائه هو الان، والآن هي اللحظة الأكثر ملائمة لإبادة الشعب الفلسطيني عبر حرب واسعة وغير مسبوقة بوحشيتها لفرض الاجندة الإسرائيلية، وتبلورت هذه القناعة في ظل حكومة نازية تضم بين صفوفها غلاة اليمين والصهيونية الدينية بقيادة نتنياهو، والتي بدأت في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، وتعمقت بأساليب واشكال موازية ومتباينة نسبيا في القدس العاصمة ومحافظات الضفة الفلسطينية عما يدور في محافظات الجنوب.
لكنها حرب واحدة متعددة الجبهات والأدوات الوحشية لتحقيق الهدف الصهيوني الاستراتيجي، والشعار الناظم له "ارض بلا شعب، لشعب بلا ارض"، ومضى 10 شهور من حرب الإبادة الجماعية على القطاع والضفة ولم تنجح حكومة الطاغوت الفاشي بزعامة نتنياهو واضرابه بن غفير وسموتيريش وغيرهم في تحقيق أي من أهدافها، باستثناء هدف الإبادة الجماعية المتدحرجة في قطاع غزة، بيد انها فشلت في تحقيق هدف التهجير القسري، او طمس القضية الفلسطينية، بل العكس صحيح، حيث امست السردية الفلسطينية هي شبه السائدة في أوساط الرأي العام العالمي، وتبوأت الحقوق والاهداف الوطنية مركز الصدارة العالمية في المؤسسات الأممية والمحاكم الدولية وفي أوساط الراي العام العالمي، وفي الوقت نفسه تراجعت مكانة الرواية الإسرائيلية الصهيونية، وظهرت أكاذيبها، وتكشف وجه إسرائيل كدولة نازية بامتياز، وخارجة على القانون، ودولة فصل عنصري، وهذا ما أكده الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية يوم الجمعة 19 يوليو الحالي، وما سبقها من قرارات أممية لصالح القضية الفلسطينية، والتي بمجموعها جبت القرارات الإسرائيلية العنصرية والتطهيرية العرقية كلها، وأكدت على عدم انتفاء الحقوق والمصالح العليا الفلسطينية بالتقادم، فهذه حقوق كرسها التاريخ والموروث الحضاري والدعم الاممي المتعاظم للشعب العربي الفلسطيني.
وعلى أهمية استخلاص الدروس والعبر من إصدار هذه القرارات العنصرية وحرب الابادة الجماعية لليوم 289، والعمل على ملاحقة مكانة إسرائيل في الأمم المتحدة، وترتيب شؤون البيت الفلسطيني، وتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وتفعيل دور الهيئات المركزية لمنظمة التحرير، ووقف الحرب فورا وبشكل دائم، وتامين دخول المساعدات لأبناء الشعب في غزة بكل مشتقاتها، وعودة النازحين لمدنهم ومخيماتهم وبيوتهم في الشمال، وانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل فوري وكامل من القطاع ومدن الضفة بما فيها القدس، وتتويج ذلك بالذهاب لمؤتمر سلام عاجل وفق روزنامة زمنية محددة لتكريس استقلال دولة فلسطين المحتلة وعودة اللاجئين لديارهم ومدنهم وفقا للقرار الاممي 194، وتحقيق حق تقرير المصير.
لم اشأ التوقف أمام التسرع الإسرائيلي بإصدار قرارها الأخير "عدم الاعتراف بوجود دولة فلسطينية غرب نهر الأردن". لان هناك عوامل مرتبطة باللحظة الراهنة، وهناك عوامل استراتيجية ذات صلة بجوهر المشروع الصهيوني الام الاستعماري، وقد عرجت على ذلك آنفا.
[email protected]
[email protected]

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار