
الفنانة سناء موسى: الاحتلال يمارس إبادة ممنهجة للذاكرة الفلسطينية
13 ابريل, 2024 04:20 مساءً
عمان -قالت الفنانة الفلسطينية والباحثة في التراث سناء موسى، إن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الذاكرة الفلسطينية، خلال حرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة، فضلا عن استهداف البشر، موضحة أنه قصف قصر هاشم في حي الدرج، وقصف مقبرة جباليا، التي تضم آثارا تعود إلى العصر الحجري، فضلا عن سرقته للمتاحف، وتدميره للمعالم التاريخية بشكل متعمّد.
وقالت موسى خلال استضافتها في مقابلة خاصة لبرنامج «الموعد» مع سلطان القيسي على شاشة «قناة المملكة» في الأردن، إن الأغنية التراثية جزء من المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي، لأنها تقدم سردية تاريخية مناهضة للسردية الإسرائيلية، كما يمكن عدّها وثيقة تثبت حضارة راسخة للشعب الفلسطيني على أرضه، واستدلت بمحاولات سرقة رموز الثقافة الفلسطينية المتمثلة بالزي والطعام والفن الفلسطيني، من قبل دولة الاحتلال.
وأضافت النجمة الفلسطينية أن مشروعها يشمل توثيق وإعادة قولبة الأغنية التراثية من شمال فلسطين إلى جنوبها، خشية ضياع هذه المساحة من الثقافة التاريخية للشعب الفلسطيني، مع تناقص الأجيال ورحيل المعمّرات والمعمّرين الفلسطينيين، ولمواجهة سياسة الطمس والمحو التي يمارسها الاحتلال، ضاربة استهدافه النخب المثقفة في غزة مثالا حيا، وأعلنت موسى بأسف فقدان الاتصال بفريق البحث التراثي، الذي يعمل معها في قطاع غزة، جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع.
وتحدثت موسى عن رحلة معقدة خاضتها في البحث عن الأغنية الفلسطينية المتعلقة بالبحر والصيد، وقالت إن فلسطين تمتد على البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، فضلا عن الأنهار، ومع ذلك ثمة شح في المصادر، يهدد بضياع الأغنية التراثية البحرية، وبيّنت أن جهودها وفريقها أفضت فقط إلى ثماني مقطوعات في هذا الصدد، أطلقتها كوحدة واحدة في عرض واحد.
وأضافت أنها تخوض حاليا مشروعا جديدا في البحث عن أغنيات البيئة البدوية، التي تتوزع في شمال فلسطين وجنوبها، وأن البحث ما يزال صعبا ومعقدا، لكنه مجدٍ، حيث توصلت في ما توصلت إليه، إلى ترويدة بعنوان بدوية، ماتت السيدة لطفية سمعان التي نقلتها عنها، قبل أن تستطيع تذكّر أي مقطع منها سوى البيت الأول، ما أجبرها على إعادة إنتاجها من مقطع واحد، لتوصل رسالة تتعلق بخطورة الوضع التوثيقي في مجال عملها، وأعلنت أن الترويدة ظهرت منذ أسبوع في فيلم هندي، من أكبر إنتاجات بوليوود، بتوزيع المؤلف الموسيقي الهندي العالمي آي آر رحمان، الحاصل على جائزتي غرامي وأوسكار، بما يثبت جدوى العمل على استحياء التراث الفلسطيني وتقديمه للعالم.
وأكدت موسى أن غزة تضمّ لاجئين من عدة مدن فلسطينية، كعسقلان وأسدود والمجدل ويافا، انتقلوا في النكبة علم 1948إلى القطاع، ونقلوا معهم تراثهم، بما يمنحه القطاع أهمية كبيرة في إعادة رسم صورة فلسطين التاريخية قبل النكبة. وفي حديثها عن أغنية البحر، أقرت موسى أن أغنية «عندك بحرية يا ريّس»، هي في الأساس أغنية من تراث بلاد الشام، لكن الشاعر طوّر عليها، كما طور محمد عبد الوهاب اللحن، في نسخة وديع الصافي.
وتوسعت موسى في الحديث عن الاتصال الثقافي بين شعوب بلاد الشام، وأنه سبب أساسي بتشابه الأغاني التراثية، وتداخلها أحيانا، متخذة من أغنية يا نجمة الصبح مثالا، حيث تظهر في كلماتها مدن موزّعة في بلاد الشام: يا هالعريس بلادك ما أريناها يا بدلتك من جبل عجلون قطعناها وتفصلت في حلب واهتزت الشامِ واهتزت الشامِ واهتزت علاليها.
وعلى هذا الأساس قالت موسى إنها لا تشعر بأنها سافرت عندما تقطع الحدود مع الأردن أو غيره من بلاد الشام، ولا حتى مع أي بلد عربي. واستعادت الحلقة ملامح أغنية السفربرلك كقالب غنائي في فلسطين يسمى الشلاعيات، ويوثق وداعيات وقعت في فترة التجنيد الإجباري العثماني، وما تركته الحروب من حزن حتى في أغنيات الفرح الفلسطيني.