قواعد جديدة.. للحوار الفلسطيني - الفلسطيني

27 يوليو, 2023 02:13 مساءً
حميد قرمان
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

رام الله - يومان.. وتنطلق اجتماعات الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في العاصمة المصرية القاهرة، والذي دعا إليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس على خلفية التصعيد الإسرائيلي في مخيم جنين قبل أسابيع قليلة ماضية.

حركة حماس وعلى غير المتوقع، أعلنت مشاركتها بعد أن قامت القاهرة باتصالات على المستوى الأمني مع قياداتها، في أسلوب “إخواني” اعتدنا عليه من قبل هذه الجماعات لكسب نقاط سياسية من القيادة المصرية وجهاز المخابرات التابع للدولة، ليس هذا فقط بل دخول الأتراك على خط أثمر عن ترتيب لقاء يجمع الرئيس الفلسطيني مع وفد من حماس في أنقرة التي زارها بعد دعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

الجهاد الإسلامي بدورها أعلنت مشاركتها ولكن بشرط تكتيكي ينسجم مع شراكة الموقف والهدف مع حركة حماس، هو الإفراج عمّا يسمى بالمعتقلين السياسيين في سجون السلطة الفلسطينية التي نفت جملة وتفصيلا هذه المزاعم.

حراك سياسي محموم قادته حركة حماس من أجل تشكيل جبهة فصائلية عريضة أمام الرئيس محمود عباس، تضم: حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الديمقراطية، والجبهة الشعبية، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وحركة المبادرة الوطنية، وعدد من القيادات والشخصيات المستقلة.

حماس وخلال جولات المصالحة الفلسطينية، حاولت استنساخ تجربة الثنائي الشيعي في لبنان؛ بإنتاج ثنائي ذي توجه “سياسي ديني” بينها وبين حركة الجهاد الإسلامي يدور في فلكه عدد من الفصائل اليسارية ذات الشعبية المندثرة والشخصيات الهامشية مجتمعيا، لخلق تمثيل سياسي مركب يدفعها لدخول منظمة التحرير كهدف مسبق تتبناه الحركة لكسب شرعية حقيقية على الساحة الفلسطينية بعد أن فشلت كل محاولاتها مسبقا في خلق بديل عن المنظمة يحظى باعتراف دولي.

وكعادتها مارست حماس من خلال إعلامها وقواعدها ومناصريها وحلفائها، حملات إعلامية منظمة لفرض جدول أعمال الاجتماع قبل بدئه وتوجيه الشارع الفلسطيني نحو ما تريد تحقيقه سياسيا من مكاسب. لهذا من الضروري عدم الانجرار وراء ما تهدف حماس لتثبيته على جدول أعمال الاجتماعات المرتقبة أو الدخول في متاهة البحث عن آليات تنفيذ نتائج الحوار أو فوضى الذهاب مباشرة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لن تكون قادرة على إدارة الضفة وغزة وتمكينها على أرض الواقع. وكأن المشهد السياسي الفلسطيني المأزوم مختزل فقط بهذه العناوين التي أصبحت تستنزفه بشكل جعل الديمقراطية الفلسطينية ممجوجة.

ليس هذا فقط بل تسعى حماس لإعادة تجربة حزب الله في لبنان، لتوغل في مؤسسات المنظمة والسلطة لتكون جزءًا منها، ثم تفرض شروطها وإملاءاتها المرتبطة بأجندات سياسية إقليمية بقوة السلاح الذي سيطرت به على قطاع غزة بانقلاب دموي، وتسعى اليوم للسيطرة على الضفة الغربية من خلال مخططات تتماهى بها مع ما يخطط له اليمين المتطرف الإسرائيلي بنسف الكيانية السياسية الفلسطينية المتمثلة بالسلطة الفلسطينية وإنهائها، لتكون هي البديل المنظم في الشارع والمتاح القادر على التوصل مع كيان الاحتلال إلى حلول سياسية.. تماما كما حصل في قطاع غزة من “تفاهمات حياتية” ترتقي إلى مفهوم الخيانة الوطنية، فمن كان يهاجم اتفاق أوسلو عليه أن يأتي بأفضل منه. لا أن يكتفي بتوسيع مساحة الصيد قبالة شواطئ غزة، أو زيادة في عدد تصاريح عمل للمواطنين الفلسطينيين في القطاع، أو مال يأتي عبر الحقائب من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، كدلالة واضحة على أن حكم “الأمر الواقع” في غزة هو حكم عصابات، وليس حكما وطنيا يسعى لتحرير فلسطين كما تدعي حركة حماس.

اليوم وبعيدا عن لغة البيانات الصحفية الصادرة من الفصائل الفلسطينية، والتي سوقت لتفاؤل حذر من خلال مصطلحات سياسية فضفاضة من إنجاح الاجتماعات وتذليل العقبات وأرضيات مشتركة للحوار، المطلوب طرح مراجعة سياسية شاملة لسلوك حركتي حماس والجهاد الإسلامي خلال اجتماعات الأمناء العامين للفصائل، خاصة في ما يتعلق بقرار الحروب التي خاضها هذان الفصيلان. فلا يقبل أن يكون الشعب الفلسطيني رهنا لحروب الوكالة التي تقوم بها فصائل وحركات مأجورة نيابة عن إيران، أو أن تمارس بسلاحها بلطجة لإرهاب الشعب الفلسطيني، لذلك مطلوب أيضا من الرئيس الفلسطيني “أبومازن” كقوة سياسية مقابلة لحشد حماس وحلفائها؛ عدم السماح لحركتي حماس والجهاد الإسلامي بتكرار تجربة الثنائي الشيعي في لبنان، ومنع دخولهم منظمة التحرير إلا بثمن سياسي وضمانات وطنية حقيقية، وعدم الرضوخ لرأي بعض الغوغاء التي ظهرت في الشارع الفلسطيني أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتمسك بنهج الواقعية السياسية بعيدا عن نهج الشعارات الحنجرية الشعبوية التي لم تحقق مكسبا سياسيا واحدا للشعب الفلسطيني.

مواضيع ذات صلة

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار