القراءات المضللة والديمقراطية المزعومة ...! تجاهل للحقائق وتزييف للوعي وخلط للأوراق

21 يوليو, 2023 08:15 صباحاً
د. محمد صالح الشنطي
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

رام الله -دأب المحللون السياسيون على التركيز على الجانب الذي يخدم توجهّهم السياسي حين يتوفرون على قراءة واقع المرحلة مغفلين الجوانب الأخرى ؛ ويركزون في الغالب على بعدين أساسيين : الأول عدم تدخل الأجهزة الأمنية للتصدي للهجمات الإسرائيلية على المدن الفلسطينية التي تتواجد فيها الكتائب الفدائية المقاومة ، ثم ردود الفعل الشعبية وتوجيهها للاحتجاج على هذا الموقف ، ومن حيث المبدأ فإنهم يغفلون عدة أمور:
أولها : أن هذه الأجهزة محدودة التسليح والذخائر والعدد في حين أن الحملات العسكرية الإسرائيلية تمتلك الدبابات والأسلحة الثقيلة بأنواعها و الدروع و الطائرات والعدّة و العتاد بما لا يمكن مقارنته بما لدى الأجهزة الأمنية ولو اشتبكوا معها فإن ذلك يعني الانتحار ؛ فالذخائر ستنفد والظهر مكشوف والعدد محدود ومشلول لوجستياً بسبب الحواجز الإسرائيلية فلا يستطيع التنقل بين المدن والمواقع، ثانياً لهذه الأجهزة تجربة قاسية في الانتفاضة الثانية نتيجة اشتراكها في المقاومة ، فقد دمّرت مقرّاتها واستشهد العديد من أفرادها حتى السجون هدموها على رؤوس المساجين ولم يبق هناك مكان آمن ما دفع المحاكم إلى تعطيل عقوبة السجن، وخرّبت المنشآت الحكومية وكانت الخسائر فادحة ، ومع هذا فإن الأجهزة قد قدمت العديد من كوادرها في تصديّها للعدو في هذه الهجمة العدوانية كلما كانت تتاح لها فرصة الاشتباك.
أما تحريض الشارع على السلطة بحجة أنها تعترض المقاتلين فقد سقطت تماما ، فلولاها تغاضت عن تسليحها لهم وربما تشارك في هذا التسليح كما أنها سمحت للجناح العسكري للحركة الرئيسة التي تنتمي إليها ممثلة في كتائب شهداء الأقصى لما تشكلت هذه الكتائب التي يزعمون أنها نشأت في ظل ضعف السلطة كذبا وزورا ، ذلك باطل الأباطيل فقد تغاضت عن تشكيلها وتسليحها و شاركت أجنحتها العسكرية بفعالية ؛ بل بالدور الرئيس فيها ، والشاهد على ذلك أرقام الشهداء والجرحى المنتمين لقواها الأمنية وأجنحتها العسكرية ومدّها بالعون وزيارات المسؤولين لها ومباركتهم لكفاحها وآخرهم الرئيس أبو مازن رغم ما تجشم من معاناة هو وأقطاب قيادته التي هي في موقع المتهم دائما ، وقد حول البعض ومنهم من كان محسوبا على حركة فتح واختار أن يكون مع المناكفين وربما الجاحدين والخاذلين والمنتفعين مع جيش من الكتبة المأجورين الذين أسندوا لأنفسهم مهمة الحادي لركب الغوغاء والمنافقين والمضللين متناسين أبسط البديهيات في العمل الوطني والحركي ، بل والمضللين الذين تتهافت عليهم الفضائيات ذات الأجندات مثل الجزيرة والغد والكوفية ووكالات قدس وشهاب ومنابر التدليس الإعلامي وغيرها ليمعنوا في تحريض الشارع وتوجيهه بتحليلاتهم أحادية الرؤية وسخافاتهم أحيانا ؛ من مثل قولهم أن مرافقي الرئيس كانوا يتنافسون على الظهور بالقرب منه إبان زيارته لمخيم جنين ، وزعمهم أن هناك تنافسا حاد بين أعضاء القيادة على خلافة أبي مازن ؛ وكأننا في دولة ثريّة مستقرة وليس في بحر متلاطم من التحديات ومقاومة المحتل وأن القيادة في مثل هذا الوضع مغرم لا مغنم ، وكأن المسؤول عن تعيين الرئيس إسرائيل وأمريكا وليس الشعب الفلسطيني الذي سيحتكم – في نهاية المطاف – إلى صندوق الاقتراع ، ومهما كانت الأسباب التي تؤدي إلى اختلاف في وجهات النظر فإن الجميع يدرك المأزق التاريخي الذي تمرّ به.
أمّا الحديث المتواصل من قبل بعض من ينتمون إلى أرستقراطية السياسة النهّازة للفرص ممن يتذرّعون دائما بسوء الأوضاع وتشرذم الحركة الوطنية على حد زعمهم فأود أن أشير إلى أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات ، ففد رأوا بأم أعينهم ما جرّته علينا انتخابات عام 2006 من ويلات تقهقرت بالقضية عشرات السنين إلى الخلف ، وقسّمت الوطن و أشعلت حربا أهلية سقط جرّاءها ألوف الضحايا ، وأوقعتنا في شرك أربع حروب مدمّرة وفرّقت الصف الوطني أيدي سبأ ولا ينبغي أن تتكرر التجربة مهما كان الأمر فليتّهم المتهمون القيادة كما يشاؤون ، ولكن المشهد لا يشي بنتائج سليمة ، تداخلات إقليميّة وتشظّيات حركية، ودعايات مغرضة ، واستقطابات فصائلية غير وطنيّة ، وانقسام وطني وتحديات لا حصرلها دولية و داخلية و إسرائيلية ، ومناخات مسمومة ستفضي إلى الفوضى والصراع ، فأي انتخابات هذه التي ستجرى في مثل هذه الأجواء والوطن كانتونات، والاقتحامات لا تتوقف والشعارات الرنانة الجوفاء تدوّي والكتائب المسلحة المعلومة والمجهولة والأموال السوداء تتدفق من كل حدب و صوب ، ويأتيك من يقول الانتخابات هي الحل ، وتأتيك أصوات نشاز من خارج الوطن تنبّش في الدفاتر القديمة لتحطّم الرموز و تعبث بالمثل و القيم ، غمامات سوداء يسوقها أرباب مراكز البحوث الممولة من صناديق سوداء من أجل افتعال الفتن و تشويه النضال واغتيال العقول والرجال.
بقلم د. محمد صالح الشنطي
 

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار