ميزانية الرشوة والإرهاب
29 مايو, 2023 07:48 صباحاًنبض الحياة
رام الله -يوم الأربعاء الموافق 24 أيار / مايو الحالي صادقت الكنيست الإسرائيلية على أعلى وأسوأ ميزانية للعامين 2023 و2024 بغالبية أصوات أعضاء التحالف ال64 ومعارضة أصوات المعارضة ال56. لا سيما وان كلا الفريقين تجند للدفاع عن خياره ومشروعه، بعد نقاش إستمر 35 ساعة متواصلة.
وتبلغ الميزانية العامة للعام 2023 484 مليار شكل، أي ما يعادل 131 مليار دولار، وميزانية العام 2024 ستكون 514 مليار شيكل، أي ما يعادل 139 مليار دولار أميركي، وتتجاوز نصف تريليون شيقل، وهي الأكبر منذ تأسيس الدولة الصهيونية قبل 75 عاما خلت. وتمت المصداقة عليها بعد التوافق على قانون التسويات، الذي يحتوي وفق ما ذكر وزير المالية، سموتيريش على "تدابير لتسريع النمو والازدهار، ورفع مستوى المعيشة"، وهو ما لا تتوافق معه المعارضة، وترى الأمور عكس ذلك. وقانون التسويات يهدف الى الاتي" تسريع البنية التحتية والتعامل مع سوق الإسكان والعقارات، وزيادة المنافسة والحد من المركزية، وتعزيز رأس المال البشري، والحد من البيروقراطية لقطاع الاعمال والمواطنين، وترشيد القطاع العام، بينما شطبت الأقسام التي يفترض من خلالها محاربة غلاء المعيشة.
ومع المصادقة على الميزانية مدد نتنياهو وأركان حكومة الترويكا اقدامهم، واعلنوا كل بطريقته، ان الحكومة مستقرة، ومستمرة للاعوام الأربعة القادمة، خاصة وان نتنياهو والليكود قاموا باجراء تسويات ومساومات خسيسة عنوانها رشوة أحزاب الائتلاف الحاكم، التي ستحصل على ما قيمته 14 مليار شيكل من مجمل الميزانية لجيوب صناديق احزابها، وكانت آخر مساومة مع حزب "القوى اليهودية" بزعامة بن غفير، الذي حصل على 276 مليون شيقل، كي يضمن نتنياهو عدم غيابه عن المشاركة في جلسة إقرار الميزانية العامة.
ولم تقتصر سعادة اركان الائتلاف الفاشي الحاكم على الاستقرار فقط، انما اعلن نتنياهو، إن الإصلاح القضائي سيعود الى اجندة الحكومة بكل تأكيد، ونحن اصبحنا بداخله، ونحاول التوصل الى تفاهمات (مع المعارضة). ولكنه سيعود للانقلاب القضائي بالموافقة مع المعارضة او بدون ذلك، ولم يعد معنيا بالاتفاق، ان لم يذعنوا لخيار إئتلافه الانقلابي. مما اثار ردود فعل في أوساط قادة الاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي، الذين اعلنوا، ان "نتنياهو يعترف عمليا بمؤامرته بالاستمرار في تحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية مسيانية خطيرة، وإسرائيل موجودة في خطر هائل." كما عقب رئيس قائمة ما يسمى "المعسكر الوطني" على تصريح رئيس الحكومة السادسة، قائلا، انه "اذا عاد الانقلاب القضائي الى الطاولة، سنزلزل الدولة ونوقفه." وأضاف أن "نتنياهو مخمور بالسلطة مرة أخرى بعد ان مرر الميزانية التي ستنفجر في وجوهنا.
وكان قادة المعارضة عابوا إقرار الميزانية، واعتبروها وصمة عار في تاريخ الدولة اللقيطة، وخطر يتهدد إسرائيل، وتحمل في ثناياها ابعادا تدميرية، وهذا ما عكسه زعيم المعارضة لبيد بالقول إن "هذه الميزانية الأسوأ والأكثر تدميرا في تاريخ الدولة." واما ليبرمان فقال "عملية نهب للخزينة العامة". وغانتس صرح " دولة إسرائيل أسيرة بأيدي إئتلاف متطرف." جميعهم حذروا من المآلات الخطيرة الناجمة عن إقرار الميزانية.
اما على ما يتعلق بشأن الشعب العربي الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، فإن الميزانية أولا تضمنت تمييزا فاقعا وخطيرا تجاههم، حيث استثنيوا من مجمل ما حمله قانون التسويات، فلم يطالهم أي بعد إيجابي بخصوص ما يتعلق بالبنى التحتية، ولا في مشاريع الإسكان، ولا في التنمية البشرية؛ ثانيا كما ان صندوق "الارنونا" ضاعف من عملية الاجحاف والغبن لهم ولابناء الشعب في القدس العاصمة؛ ثالثا في ظل استمرار قانون كامنيتس، ورفض الحكومات المتعاقبة منح المجالس القطرية أي نافذة بشأن إعادة النظر في الخرائط الهيكيلية للمدن والبلدات الفلسطينية، يبقى سيف القانون العنصري مسلطا على رقابهم؛ رابعا على مستوى التعليم والثقافة والفن، فإن الميزانية أيضا كرست التمييز والقهر لابناء الشعب العربي الفلسطيني، وضاعفت من حرمانهم من ابسط حقوقهم، مع انهم يدفعون كافة أنواع الضرائب دون استثناء. وبالتالي فإن الميزانية جاءت لتكرس العنصرية، وتهدف الى خنق تطوير البلدات الفلسطينية، وحرمانها من ابسط متطلبات الحياة.
اما على صعيد أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967، فجاءت الميزانية الإسرائيلية لتؤكد أولا مواصلة التهويد والاستيطان الاستعماري؛ ثانيا تعزيز وتكرس مكانة قطعان المستعمرين في الضفة الفلسطينية؛ ثالثا زيادة تمويل الجمعيات والمؤسسات الصهيونية المتخصصة في عمليات النهب والتزوير والاستيطان في القدس العاصمة وفي مختلف مدن الضفة؛ رابعا زيادة ملحوظة في دعم المشاريع والمخططات الاستعمارية في الاغوار وباقي مدن الضفة دون استثناء خامسا والاهم كل موازنة وزارة الحرب والموت الإسرائيلية موجهة ضدهم، وضد مشروع التحرر الوطني الفلسطيني، ولوأد مكانة ودور السلطة الوطنية، وأيضا لتمويل كل الحروب والاقتحامات والاجتياحات للضفة بما فيها القدس العاصمة وقطاع غزة.
ومجمل البنود الواردة أعلاه، حملتها كافة الميزانيات منذ نشود وإقامة الدولة اللقيطة على ارض الشعب العربي الفلسطيني والمستهدف الأساس من كل شيقل في الميزانية هو الشعب الفلسطيني، ونفي مكانته وحضوره عبر عمليات التطهير العرقي والتمييز العنصري. والصراع الدائر بين الموالاة والمعارضة لا يشمل أي حق لابناء الشعب العربي الفلسطيني داخل الداخل، وانما كل أطياف الأحزاب الصهيونية تتكالب على طمس حقوق ومصالح أبناء الشعب أينما كانوا.
[email protected]
[email protected]