نورية حفصي الأمينة العامة للاتحاد الوطني للمرأة الجزائرية: المرأة العربية أحرزت تقدما كبيرا في الحقوق والعنف ظاهرة عالمية

23 ابريل, 2023 08:16 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

رام الله - حاورها: عبد الحميد صيام - على هامش الدورة السابعة والستين للجنة وضع المرأة «CSW» التي استمرت أسبوعين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك واختتمت أعمالها في الثامن عشر من شهر آذار/مارس 2023 التقت «القدس العربي» نورية حفصي، الأمينة العامة لاتحاد المرأة الجزائرية ونائبة الأمينة العامة لاتحاد المرأة العربية ونائبة الأمينة العامة لاتحاد النساء الأفريقي. ركزت الدورة السابعة والستون للجنة وضع المرأة على ضرورة إشراك النساء بطريقة كاملة في تطوير التقنيات الرقمية. وركزت الأولوية في دورة هذا العام على التمييز المستمر وسوء المعاملة والكراهية التي تواجهها النساء في العالم الافتراضي. وكان الهدف هو إحراز تقدم في مسألة تكافؤ الفرص في المجال الرقمي، ومعالجة القضايا المستمرة التي تؤثر على النساء والفتيات، بما في ذلك الوصول المحدود إلى التكنولوجيا، والعنف غير المتناسب عبر الإنترنت، والتمثيل الناقص والتحيز الجنساني في الصناعات التقنية.
وقد حملت الوثيقة الختامية اسم «الاستنتاجات المتفق عليها» بين الدول الأعضاء، وأقرت بالدور الهام للتكنولوجيا والابتكار في تحقيق المساواة بين الجنسين.
ونورية حفصي هي الأمين العام للاتحاد الوطني للمرأة الجزائرية، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، عضو في مجلس الشعب الجزائري، نائبة رئيس منظمة المرأة الأفريقية، نائبة أمين عام اتحاد المرأة العربية، وعضوة في شبكة الوسيطات المتوسطيات. وهي نائب رئيس منظمة المرأة الأفريقية للترويج السياسي. ونائب الرئيس المكلف ببلاد المغرب العربي بالاتحاد العام للمرأة العربية، وعضو الاتحاد الدولي للمرأة الديمقراطية. عملت مديرا للمكتب الجهوي للتشغيل، كما تقوم سنويا بالتدخل أمام اللجنة الرابعة- لجنة تصفية الاستعمار. وشاركت في عدد من قمم الاتحاد الأفريقي، وانتدبت عن الاتحاد الأفريقي لمراقبة انتخابات الكونغو وتشارك سنويا في اجتماعات لجنة وضع المرأة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك. وفي ما يأتي نص الحوار.
○ ما هو تقييمك للاجتماع السنوي للجنة وضع المرأة؟
• هو اجتماع سنوي، تلتقي فيه سيدات من كل العالم، وهي مناسبة لتبادل الآراء والتجارب. وفيما يخصنا كعربيات، فرصة لنا أن نلتقي ونتحاور أولا ثم هي فرصة للتحدث عن أوضاع المرأة في المنطقة العربية من جهة ثم طرح القضايا التي تهمها على الأخريات. سعدت بلقاء أخوات من الأردن ومصر والمغرب وتونس، وغيرها، ونظمنا نشاطا جانبيا خاصا بقضيتنا الأم وهي القضية الفلسطينية.
○ ما هي القضايا الخاصة بالمرأة العربية؟
• بالنسبة للقضايا العامة فالمرأة العربية تعاني من كثير من القضايا العامة كما النساء في كل مكان. ولكن لدينا خصوصيات، تتعلق بالعادات والتقاليد والثقافة والدين، وهذا يجعل بعض القوانين التي تسن والقرارات التي تعتمد لا تطبق تماما في المنطقة العربية. مثلا معاهدة مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بـ («سيداو CEDAW ) اعتمدتها كل الدول العربية وغالبية دول العالم، لكن الدول العربية أبدت بعض التحفظات على عدد من النقاط. لكن تطور المرأة العربية أصبح ظاهرا للعيان وواضحا بسبب هذه القوانين والمعاهدات ومن خلال التزام الدول بها أصبح للمرأة العربية مكانة أهم فصارت مشاركة في مراكز صنع القرار وفي قيادات المجتمع المدني، وأصبح وجودها مهما وملموسا في المجال السياسي. أما عندما نتكلم عن أوضاع المرأة العربية في بعض المجالات كانتشار الأمية فما زالت تعاني الكثير.
ولما التقينا مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، طرحنا كعربيات موضوع الرقمنة وكيف يمكن للمرأة العربية أن تستفيد منه. وتحدث غوتيريش عن بعض المقترحات المقدمة وقال إن الأمم المتحدة ستخصص مبلع 600 مليون دولار لمساعدة النساء في موضوع الرقمنة. بعض الحاضرات طرحن إشكالية النزاعات وخاصة في بعض الدول العربية والتي تعرض المرأة لكثير من المخاطر، فلم تصل مرحلة الرقمنة أصلا، فكيف نتحدث عن الرقمنة وتمكين النساء والرقمنة لم تصل بعد لبعض الدول؟ قال غوتيريش تلك مسألة أخرى سنتناولها على حدة وهي مسألة الرقمنة في مناطق النزاعات. أثرنا في النشاط الجانبي حول المرأة الفلسطينية قضية كيف ستتعامل الأمم المتحدة مع مسألة الوصول لهؤلاء النساء وتمكينهن من الرقمنة ومواجهة العدوان والضغط والعنف من جهات كثيرة. وأكد الأمين العام أنه سيطرح في اجتماع رفيع المستوى بحضور رؤساء الدول مسألة مساعدة النساء في مناطق النزاع للوصول إلى الرقمنة، وهي آلية جديدة يمكن أن تساعد المرأة في مناهضة ما تتعرض له من عنف واضطهاد وتهميش.
○ هل وجدتم تجاوبا من الوفود المشاركة الأخرى لطرح معاناة المرأة الفلسطينية؟
• بالتأكيد، لما أقمنا النشاط الجانبي حول فلسطين، دعونا الوفود النسائية من كل المناطق الجغرافية من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، فوجدنا تجاوبا كبيرا ووجدنا الكثير من النساء يدافعن عن المرأة الفلسطينية بشكل قوي وواضح لدرجة أننا فوجئنا بمدى التأييد الذي تحظى به المرأة الفلسطينية.
○ الآن نتحدث عن العنف المزدوج الذي تتعرض له المرأة في المنطقة العربية، المجتمعي والخارجي المتمثل في الاحتلال والاستبداد والتدخلات الخارجية، ما هي القضايا الأساسة التي ترينها في صلب معاناة المرأة العربية؟
• أولا يجب أن نتكلم عن المرأة العربية في النزاعات، وخاصة المرأة الفلسطينية التي تتعرض للعنف المتواصل من العدو الصهيوني والذي لا يتوقف. إنها إمرأة شجاعة – إنها الشهيدة والأسيرة وأم الشهيد وزوجة الأسير وحقوقها تتعرض للانتهاك يوميا، هي التي تقدم التضحيات الجسام. إنها غير مستقرة في بلدها وهذا يستوقفنا جميعا ويجب أن يستوقف المجتمع الدولي الذي يتحدث عن حقوق الإنسان والقوانين لصالح المرأة ولوقف العنف والاضطهاد الذي تتعرض له المرأة، بينما تعاني المرأة الفلسطينية كل هذه الأنواع من الاضطهاد ولا يحرك ساكنا. كذلك نتحدث عن السوريات المشردات المضطهدات ونأسف لما آل إليه وضع المرأة السورية في بعض الدول العربية والدول الأوروبية لاجئة تبحث عن قوت لعيالها. صحيح اعتمدت بعض القرارات لتصحيح تلك الأوضاع لكن هذا لا يكفي. نحن مطالبات، كناشطات في مجال حقوق النساء، أن نساهم في تخفيف المعاناة وأن نعمل على إثارة الهيئات الأممية في هذا المجال وعلينا أن نجعل مسألة المرأة في النزاعات قضية أولوية، كما نثير هذه المسائل نثيرها كذلك في مؤتمرات الاتحاد الأفريقي، ونحاول دائما أن نكون وقة ضغط ونقدم اقتراحات أمام القادة بهذا الخصزص.
○ ما هي المشتركات التي تتقاطع بين الأفريقيات والعربيات؟
• المعاناة تكاد تكون واحدة بشكل عام. لكن هناك معاناة متشابهة بين العربيات والأفريقيات. فمثلا معاناة المرأة الأفريقية في مناطق النزاع شبيهة بمعاناة العربية في مناطق النزاع. فالمرأة دائما تكون أولى الضحايا في النزاعات سواء في أفريقيا أو المنطقة العربية. انظر إلى الوضع الاجتماعي للمرأة في الدول الأفريقية والعربية هناك تشابه خاصة بين الدول الفقيرة والتي تمر في مرحلة التنمية. فالمعاناة تتشابه سواء في حالات الفقر أو الوضع الاجتماعي أو التهميش أو التعرض للعنف.
○ دعينا ننتقل إلى وضع المرأة الجزائرية. لعبت المرأة الجزائرية دورا رياديا في الثورة فمنهن الشهيدات ومنهن الأسيرات. ثم انكفأ دورها بعد التحرير. وعادت الجزائرية في العقد الأخير إلى الواجهة وبدأت تأخذ دورها الحقيقي في عمليات البناء والتنمية والتمكين. كيف ترين وضع المرأة الآن في الجزائر؟
• كما قلت، لعبت المرأة دورا رئيسيا في كل المراحل، في مرحلة الثورة والتحرير ومرحلة البناء والتعمير. الجزائرية فرضت نفسها وخاصة في ميدان التعليم والتربية وبالتالي اقتحمت كل الميادين، حتى تلك التي كانت حكرا على الرجل. ولكن علينا أن نأخذ في عين الاعتبار كل الالتزامات الدولية التي التزمت بها الجزائر وهذا يسهل على الجزائر أن تعطي مكانة للمرأة انطلاقا من التزاماتها الدولية. فمثلا في الوزارات، يوجد نظام محاصصة في مراكز صنع القرار وأصبحت المرأة تشارك في كل الميادين. لكن لا نقول إننا وصلنا إلى المساواة التامة، لحد الآن لم تمنح مناصب سيادية للمرأة. ممكن أن تمنح وزارة المرأة أو التعليم أو البيئة ولكنها قادمة، انتظروا دورا أكبر للجزائرية فهي نصف المجتمع ولا بد أن تأخذ دورها كاملا. المرأة في الريف تقدمت كذلك وخاصة في ميدان التعليم إذ تراجعت نسبة الأمية من 23 إلى 7 في المئة.
○ هل التشريعات تواكب هذا التطور؟ بمعنى آخر هل هناك تغيير في القوانين لصالح إنصاف المرأة مثلا في موضوع التعدد؟ ما هي القوانين التي تضيق أو تمنع التعدد غير المبرر؟
• فيما يتعلق بالقانون، دعني أبدأ بالدستور. كل دساتير الجزائر منذ الاستقلال حتى اليوم تتحدث عن المساواة التامة بين المرأة والرجل، أما التطبيق فشيء آخر. الدستور الأخير لعام 2020 الذي اقترحه الرئيس وصوت عليه الشعب يتحدث عن المساواة التامة في كل المجالات، ولكن أعطى فرصة أوسع بمساواة المرأة في القوائم الانتخابية بدل نظام «الكوتا أو المحاصصة». لقد انتقلنا من نظام الكوتا إلى النظام الديمقراطي التام، نظام الكوتا الغي. قد لا تنصف المرأة في انتخابات عامة وشاملة انطلاقا من العقلية السائدة التي تفضل انتخاب الرجل على المرأة لكن هذا نظام أفضل.
أما بالنسبة لقانون الأسرة المستمد من الشريعة الإسلامية، فقد عدل عام 2005 وجاء بقوانين لصالح المرأة. فمثلا التعدد مقبول حسب الشريعة ولكن وضعت لذلك ضوابط وشروط فمثلا يجب أن توافق الزوجة الأولى على زواج زوجها من زوجة ثانية. وكذلك في مجال موافقة المرأة في مسألة «الوليّ» الذي يمكن أن يحضر لكن بموافقة المرأة نفسها، كما تضمن القانون إعطاء المرأة جنسيتها لأولادها. لا نقول إننا وصلنا إلى المبتغى، لكن هناك تطورا وإنجازات، وعلى المرأة أن تبقى تناضل لتحقيق المزيد من الإنجازات.
○ بصفتك نائبة الأمين لعام لاتحاد المرأة العربية وزياراتك عديدة للدول العربية، هناك ظواهر سلبية ما زالت منتشرة مثل زواج القاصرات والزواج العرفي وغير ذلك.
• لسوء الحظ زواج القاصرات موجود في كل الدول العربية. هناك قوانين تمنع زواج القاصرات لكن هذه ظاهرة اجتماعية وعلى المجتمعات المحلية أن تعمل على حل هذه الإشكالية. فالآليات القانونية أحيانا لا تحل بل الأهم هو دور المجتمع المدني والجمعيات النسائية والتدخل لدى العائلات والمجتمعات المحلية للتأثير على العقلية التي ما زالت قائمة وتسهل زواج القاصرات.
○ من بين القضايا المنتشرة عالميا وخاصة في بعض الدول العربية هي قضية التحرش، فكيف يمكن التخلص من هذه الظاهرة؟
• كما قلت هذه ظاهرة منتشرة في كل العالم وقد تكون أقل حدة وأقل خطرا في الدول العربية لأن الوازع الديني يلعب دورا. وهذه الظاهرة رغم وجود القوانين التي تعاقب عليها، مثل ظاهرة زواج القاصرات، تمارس على مستوى المجتمعات وبحاجة إلى تثقيف مجتمعي. القوانين المتعلقة بمعاقبة الجاني لا تكفي، هذا عمل يحتاج إلى تثقيف وتوعية يقوم به المجتمع المدني والمنظمات النسائية، بالإضافة إلى القوانين الرسمية والقوانين العرفية لدى المجتمعات، فالقضية تهم الجميع وهي ليست قانونية فحسب بل قضية اجتماعية تهم الناس جميعا ليس الدولة وحدها، على المجتمع أن يقف كرجل واحد لمنع هذه الظواهر ودرئها، ولا يجوز أن يتصرف كل مجتمع على هواه، على المجتمعات أن تتضافر وتتصرف بمسؤولية أكبر فالقوانين الدولية والمحلية لا يمكن لوحدها أن تحل هذه الظاهرة.
○ سؤال أخير، اعتمد مجلس الأمن عام 2000 قرارا تاريخيا هو القرارا 1325 المتعلق بإدماج المرأة في عمليات السلام والتنمية. وتستعد الأمم المتحدة للاحتفال بالقرار عام 2025 ومراجعة ما تحقق لدى كل الدول في موضوع إدماج المرأة في عمليات السلام والتمنية.
• نعم هذا قرار مهم وقد شاركت في احتفالية الذكرى العشرين للقرار قبل سنتين في أديس ابابا. ولكن هل صحيح تم إدماج المرأة في عمليات السلام والتنمية؟ قد نقول إن عملية إدماج المرأة في التنمية حققت الكثير لكن في عملية السلام أين الانجازات؟ علما أن المرأة صانعة سلام وتعمل على استتباب الأمن، لكنها لم تعط الفرصة في هذا المجال، ولا نستطيع نقد القرارات لأنها تفتح المجال والأهم من القرارات هو تنفيذها.

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار