سفير من غير سفارة، ووزير  من غير  وزارة

23 مارس, 2023 09:14 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

القاهرة- غالبًا ما تهفو النفس البشرية، وتطفو  على سطح السَطحِّيات، وتحُب مظاهِر الدُنيا، وزخارفِها في تلك السنواتِ الخداعات؛ التي تعجُ بالفِتن، والملذات، وزينُة المَال، والبنون؛ وفي خِضّمْ مُعَتركِ الحياة قد ينسى الانسان أهم ما هذا في الكون، وهُن "الباقياتُ الصالحات"، وما يتبع ذلك من خيرات، من حُبْ المساكين، ومُساعدة الأيتام، والفقراء، وجبر الخواطر، في وقتِ الشّدةِ، والرخاء بكُل سخاء، وأن تكون سفيرًا كالضياء في قمة العطاء بكُل سناءِ، وبهاء، وحتى في وقت الرمضاءَ. وكالريح المُرسلة في فعل الخيرات، وتَرك المُنكرات، والعمل لنيِل الجناتِ العاليات، الشاهقات، وما فيها من ملذاتٍ باقياتٍ من الجميلات الرائعات المُؤِّنِسَات السامقات، الباسِقات السابِقات الصادقات الجميلات؛ وستجدون في الجناتِ كل الخيرات، والبركات، وخير  ما في الجنة هو المزيد  قال تعالى: "لهم ما يشاؤون فيها، ولدينا مزيد"، وليس في الجنة أعظم من  المزيد وهو  رؤية  وجهِ الرحمانِ الرحيم اللهُ جل جلاله ربِ البريات وخالق الكائِنات، ولله التحيات والصلوات الطيبات المباركات. وما هذه الحياة الدُنيا إلا متاَعُ الغرور، وحالها كمن استظل تحت ظل شجرة ثم قام، وتركها والدنيا بعد الحياة الآخرة ستعرف بأنها كانت كأنها ساعة سُرعان ما انتهت، وانصرمت وانصرفت وأخذت فما أبقت، وهي  تَغُر، وأحيانًا  تَسُرُ، وقد تضُر، وسوف  تَمُر ، وتمضى بما كان فيها من حُلوٍ، أو  مُرْ ؛ والسعيد من عاش أديب يساعد الناس، ولم يَعشْ لنفسه فقط فذلك يعيشُ كبيرًا ويموت كبيرًا؛ بعدما كان جابِرًا للخواطر، وجسرًا للعبور، رغم كل المخاطر؛؛ وقد يكمن الشرُ  في الخير، والخيرُ  قد يكمن في الشر، فقد  تكره شيء، ويجعل الله  فيه خيرًا كثيرًا، وقد تُحب شيء ويكون لك فيه شرًا مُستطيرًا!؛ فَطُوبى لكل من يفعل الخيرات، ويمثل بلادهِ في كل مكان، وزمان وفي  كل المحافل فارس هُمَام بألف فارس، ولو كان وحيدًا،  وكأنهُ الجحافِل، أينما حل، وارتحل كان كالشمسِ، والقمر، وينقل صورة مشرقة لوطنهِ، وللأمة العربية، والإسلامية، ويقدم الكثير ويعطى من غير  تقصير، من غير أن يكون  موظف كبير مثل السفير في السفارة، ولا حتى الوزير في الوزارة، أو الأمير في الإمارة، ولكنه تسلح بدماثِة الأخلاق، والخيرـ والعطاء الكبير، والكثير دون تقصير، فصارَ  فواح كالعبير، والعطور، والبخور، وهو صاحب ضمير تفوق على الكثير ممن له منصب سواء كان منصب أمير، أو وزير، أو سفير؛ لأنه يُعطى من غيرِ مُقابل مادي، ومستمر، ومسُترسِلْ في العطاء، يُسر كل من قابلهُ، ولهُ نورٌ عابر، وهو  بين الناس سائر، وعلى الضُر صابر  رغم ما يتعرض له من جفوة السلاطين في  الأوطان الذين تسببوا له في ظُلمٍ جائر، وُرحِ غاَئِّرْ!؛ لكنه قادر على إكمال المسير، ولو كان الأمرُ عسير، فينشر  الثقافة، والعلم، ويحث على البناء والتعمير، ومحاربة التدمير، مواصلاً  العمل بالليل، والنهار بكُل اقتدار جميلٌ كالأزهار، ومنير كالمصباح، والقمر  المُنير  ليلة البدر ، لا ينتظر من كبار القومِ جَزاءً، أو شُكورًا، وينتقل من لقاء إلى لقاء، ومن مؤتمر إلى مؤتمر  شيمتهُ الصبرُ، والوفاء، وهذا منهجُ النبلاء، يعمل من غير كلل، أو ملل، ولو كانت كُل الليالي سوداء، وظلماء، محاولاً  نشر الضياء، في عصر الانكفاء، والأنِحناءْ مستمرٌ  في التضحية من غير اكتفاء؛ وهكذا همُ الفُضلاء.
 فالمؤمن كالشمعة التي تحترق لتنير الطريق للأخرين، فهو  سفير  من غير سفارة، ووزير  من غير وزارة؛ وأمير بدونِ إمارة!؛ وما ذلك لأن الله عز، وجل يحبه، ويريد له الخير،  وأن يبقى في جوار  ربهِ وطاعتهِ، فيعمل المزيد  من الصالحات، و يَعَمُرُ بيوت الله، صابرًا  وراضيًا في السراءِ، وفي الضراء.  
الباحث، والكاتب، والمحاضر   الجامعي، المفكر العربي، والمحلل  السياسي
الكاتب  الأديب  الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو  نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء  مصر، رئيس المركز  القومي لعلماء  فلسـطين
رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للاجئين، عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب
عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية
[email protected]

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار