ملاحظات على عملية ديزنغوف

11 مارس, 2023 08:11 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة

رام الله -دولة الاستعمار الإسرائيلي وحكوماتها المتعاقبة منذ العام 1948 وحتى الحكومة السادسة لنتنياهو الحالية لم تبقِ ولا تذر، استخدمت جميعها كافة اشكال وأساليب الانتهاكات الوحشية من البطش والتنكيل والقتل والاجتياح والاقتحام وشنت الحروب والاعتقال واستلاب حياة ومصالح المواطنين الفلسطينيين، وصادرت وهودت الأراضي، وأعلنت وتعلن على مدار الساعة عن عطاءات لبناء وحدات استيطانية، وتشريع المستعمرات والبؤر الاستعمارية، واطلقت زعران الفاشية الدينية الصهيونية وعصابات جيشها وأجهزتها الأمنية وقطعان مستعمريها وفق برنامج الإرهاب الصهيوني المنظم للتدمير المنهجي لحياة أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وتواصل بشكل معلن في الاستحواذ الاستعماري على القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وتعمل في حوضها المقدس على تقويض ونسف الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية عموما والمسجد الأقصى خصوصا.
كل جرائم الحرب هذه وغيرها يتم تنفيذها على مرآى ومسمع من العالم اجمع وفي المقدمة منه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي صانعوا دولة العار والنكبة اللقيطة واللا شرعية، الدولة الإسرائيلية، ورغم صدور ما يزيد عن الالف قرار أممي لصالح تحقيق السلام، والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967، واستقلال الدولة الفلسطينية، وضمان حق العودة للأراضي التي طرد منها الفلسطينيين في عامي النكبة 1948 والهزيمة عام 1967، والمساواة لابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل، الا ان الإدارات الأميركية المتعاقبة حالت وتحول دون تحقيق ذلك، من خلال أولا عدم اعترافها بالدولة الفلسطينية رسميا؛ ثانيا دعمها المطلق لدولة إسرائيل دون قيد او شرط، والتساوق مع مخططاتها الاجلائية الاحلالية التطهيرية العرقية؛ ثالثا تساوي مع دول الاتحاد الأوروبي بين الضحية والجلاد دون معايير أخلاقية او قانونية، ومتناقضة مع قرارات الشرعية الدولية؛ رابعا تكيل بالف مكيال لصالح الدولة الأداة الوظيفية، وترفض مساواة الشعب العربي الفلسطيني بشعوب الأرض عموما، واخرها ترفض الكيل بذات المكيال الذي انتهجته تجاه المسألة الأوكرانية، ليس هذا فحسب، بل انها شنت مباشرة في العراق وأفغانستان والصومال والسودان وليبيا وسوريا حروب مباشرة وغير مباشرة عبر ادواتها ضد الشعوب والأنظمة العربية بذريعة الدفاع عن "الديمقراطية وحقوق الانسان" وفي ذات الوقت، ترفض ان تفرض اية عقوبات على إسرائيل، وتتذرع بالف ذريعة وذريعة لحماية الدولة المارقة والخارجة على القانون الإسرائيلية.
ومع تولي حكومة الترويكا النازية تضاعفت عمليات الإرهاب الصهيوني المنظم ضد أبناء الشعب الفلسطيني، حت وصل عدد الشهداء من بداية العام الى 80 شهيدا، فضلا عن قصف وتدمير البيوت واستباحة المخيمات والقرى والمدن دون توقف، هذه الجرائم أدت الى النتائج التالية، أولا انتفاء وجود افق للسلام؛ ثانيا فقدان الامل باستقلال الدولة الفلسطينية؛ ثالثا لا وجود لاي شريك إسرائيلي لبناء أي علاقة مشتركة؛ رابعا مواصلة المشروع الاجلائي الاحلالي لتطهير الأرض الفلسطينية من اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من أراضيهم؛ خامسا العدو الصهيو أميركي يريد ان يبقى الفلسطينيين والعرب عموما عبيد وممزقين ومشرذمين ودون السماح لهم بالتطور وفق معايير التنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية؛ سادسا تسيد إسرائيل عليهم جميعا وعلى إقليم الشرق الأوسط الكبير ...الخ
هذا الواقع دفع الشباب الفلسطيني للامساك بزمام المبادرة بشكل فردي، وجمعي، كما هو حاصل في جنين ونابلس وطولكرم والخليل واريحا، رغم ان السلطة وأجهزتها الأمنية الوطنية حرصت وتحرص على ضبط إيقاع الشارع الفلسطيني بالقدر الذي تستطيع، لكن طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، لان حكومة نتنياهو وسموتيريش وبن غفير لم تترك "على العين الفلسطينية قذى"، وكانت الضرورة تملي الرد على جرائم الإرهاب الصهيوني المنظم بما ملكت ايدي أولئك المناضلون، وعدم الوقوف في خندق الصمت والانتظار، حتى أبناء الأجهزة الأمنية شاركوا في العديد من العمليات البطولية دفاعا عن الذات ورفاق المسيرة الكفاحية.
ما يهمني مما تقدم، التوقف امام عملية ديزنغوف التي حدثت امس الخميس الموافق 9 مارس الحالي، التي نفذها الشاب المناضل معتز الخواجا، وأصاب 3 جرحى إسرائيليين، واستشهد اثناء المواجهة مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وهذا يعكس مجددا أولا الجرأة والاقدام والتضحية بالذات فداء الوطن والشعب؛ ثانيا الرد على جرائم القتلة الإسرائيليين بمختلف مسمياتهم واختصاصتهم العسكرية؛ ثالثا فشل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية؛ رابعا لاسماع العالم الصوت الفلسطيني، وارغام اميركا وأوروبا للانصات جيدا لنبض الشارع الفلسطيني وحقوقه السياسية والقانونية؛ خامسا للرد على الاستسلام المجاني لاهل النظام الرسمي العربي.
بيد ان الملاحظات الموضوعية تشير الى الاتي: اولا لم يختار الشهيد معتز المكان والزمان المناسب؛ ثانيا ستترك العملية اثارا سلبية على القوى الإسرائيلية الداعمة للقضية الفلسطينية؛ ثالثا ستؤثر سلبا على المظاهرات الإسرائيلية المتعاظمة ضد حكومة نتنياهو سموتيريش وبن غفير؛ رابعا خدمت من حيث يدري او لا يدري الشهيد حكومة زعران الفاشية الصهيونية في حرف بوصلة الصراع الداخلي ونقله للصراع مع الشعب والقيادة الفلسطينية، وهو ما سعى ويسعى له نتنياهو وأركان ائتلافه الفاشي؛ خامسا تركت نسبيا اثار سلبية على الرأي العام العالمي للتحريض على الشعب الفلسطيني، وخدمت واشنطن والعواصم الأوروبية التي تساوي بين الضحية والجلاد.
باختصار كل عمل مقاوم فلسطيني مشروع، ولكن على القائمين به، ان يدققوا في حسابات الربح والخسارة، وتحديد الزمان والمكان المناسب لتنفيذ عملياتهم. مثلا لو كانت العملية في القدس العاصمة او ضد قطعان المستعمرين في عموم الضفة الفلسطينية او ضد جنود وضباط الجيش الإسرائيلي في أي بقعة من إسرائيل سيكون مردودها السياسي والقانوني اعلى بكثير. ورحمة الله على روح الشهيد معتز وكل الشهداء الابطال.
[email protected]
[email protected]

مواضيع ذات صلة

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار