الخروج من نفق ازمة الاضرابات

07 مارس, 2023 08:59 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة

رام الله -بديهيات في أهداف ومهام كل نقابة او اتحاد شعبي الدفاع عن حقوق أبناء المهنة الواحدة، الذين فوضوا قياداتهم النقابية بالدفاع عن مصالحهم، ورفض الظلم الواقع عليهم من قبل أصحاب المصانع والمزارع والمؤسسات والشركات الخاصة ومؤسسات القطاع العام. ويعتبر الاضراب احد اشكال الدفاع المشروعة عن تلك الحقوق. بيد ان هناك عامل آخر في مهام النقابات والاتحادات يتمثل في الدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية العاملة في فلسطين، كونها تواجه استعمارا اجلائيا احلاليا يستهدف كل قطاعات الشعب دون استثناء، وبالتالي تتداخل المصالح الوطنية مع المصالح النقابية، ودائما طالما هناك استعمار إسرائيلي، ولم يتحقق هدف الاستقلال والحرية والعودة وتقرير المصير للشعب، تحتل المسألة الوطنية الأولوية في جهد وكفاح المؤسسات النقابية والمنظمات الشعبية عموما، دون ان تغفل للحظة عن حقوق ومصالح القطاعات الإنتاجية او المهنية التي تمثلها.
منذ بداية العام الحالي 2023 شهدت الساحة الفلسطينية تحديدا في المحافظات الشمالية مجموعة إضرابات، منها اضراب المعلمين، والأطباء والمهن الصحية والمهندسين والمحامين، وبعض الإضرابات جاءت امتدادا لإضرابات أعلنوها من نهاية العام الماضي. ولكن اشتداد وتعاظم حركة الإضرابات للأسف الشديد تلازم مع صعود حكومة نتنياهو السادسة الفاشية، التي تستهدف كل معلم وملمح وطني بدءا من المنهاج التربوي الوطني في القدس العاصمة خصوصا وفلسطين عموما، والدفع بعربة التجهيل وتسيد الامية في صفوف الشعب إلى غياب الرعاية الصحية، وانتشار الامراض والاوبئة، وانتفاء التنمية المستدامة والتطور العمراني والصناعي والزراعي وصولا لاجتثاثه عبر عملية تطهير عرقي متدرجة بهدف الوصول لإقامة دولة اسرائيل الكاملة على ارض فلسطين التاريخية.
وهذا التلازم اجزم، انه ليس جزءا من مخطط مسبق. لان رؤساء الاتحادات والنقابات، الذين لهم باع طويل في الدفاع عن مصالح وثوابت الشعب الوطنية، لا يمكن ان يقبلوا، ان يكونوا مسمارا في المخطط المعادي لمصالح الشعب العليا. بيد ان النتائج الناجمة عن الإضرابات تصب في مصلحة الأعداء الصهاينة والقوى المتربصة بالسلطة الوطنية وحكومتها الشرعية من حيث يدري او لا يدري المشاركون في الإضرابات. اضف الى ان عدم التمييز بين لحظة اعلان الاضراب والازمة المالية المتفاقمة نتاج القرصنة الإسرائيلية لاموال المقاصة، وسيطرتها على ما يزيد على 60% من مساحة الضفة الفلسطينية وخاصة المنطقة المصنفة C، ومركزها منطقة الاغوار، التي تعتبر السلة الغذائية للشعب العربي الفلسطيني، بالإضافة لخنق حقل السياحة الدينية والطبيعية، وحدث ولا حرج عن تقطيع الطرق من خلال الحواجز، والاقتحامات والاجتياحات للمدن والقرى والمخيمات، وتعطيل عمليات الاستيراد والتصدير.. الخ يشير الى عدم الانتباه للاخطار غير المقصودة الناجمة عن حركة الإضرابات، مع انها حق مشروع وكفله القانون والنظام الأساس. الامر الذي يفرض على قادة الاتحادات والنقابات أخذ هذا العامل بعين الاعتبار، حتى لا يكونوا عصا إضافية بيد المستعمر وشركائه من المتورطين في استهداف المشروع الوطني عموما، وليس السلطة وحكومتها الشرعية فقط.  
وارتباطا بما تقدم للخروج من نفق الازمة، امس الاثنين (6/3/2023) اعلن رئيس الوزراء د محمد اشتية في افتتاح جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية عن مجموعة إجراءات بعد ابرام الاتفاق بين ممثليها وممثلي النقابات الطبية والمهندسين والاتحاد العام للمعلمين تنفيذا لما تم التوافق عليه، غير ان ممثلي المعلمين والأطباء اعلنوا رفضهم لما اعلنه رئيس الحكومة، واكدوا مواصلة الاضراب في بيانين منفصلين امس عصرا. واكدوا ان ما أعلنته الحكومة لا يلبي مطالبهم.
ومن وجهة نظري الموضوعية، كنت افترض ان يعود المعلمين والأطباء وغيرهم من أعضاء النقابات المضربة لمواقع عملهم كسبا للوقت، وحرصا على الصحة العامة، وانحيازا لتجسير الهوة التي حدثت في العملية التربوية خلال الشهر المنصرم من الاضراب، والذي هدد فعليا المسيرة العلمية عموما، وطلبة الثانوية العامة خصوصا، الذين أصيبوا بالإحباط والترهل نتيجة غياب معلميهم، مع انهم يقفون الان في محطة هامة من حياتهم، كونهم سينتقلوا لمرحلة نوعية في مسيرتهم التعليمية والعملية. ولا اضيف جديدا للأساتذة المربين عن قيمة واهمية هذه المرحلة لجيل المستقبل، الذي يفترض ان يكون رافعة للوطن والشعب على كل المستويات.
وفي السياق يواصلوا المطالبة بحقوقهم المشروعة، وأيضا مطلوب من الحكومة اصدار بيان يتضمن ما لم تتضمنه قراراتها امس المرتبطة بالاتفاقات المبرمة مع النقابات تفاديا لمضاعفات واخطار الإضرابات على المجتمع عموما، ومجالات النقابات والاتحادات المضربة. آن الآوان لتجاوز الازمة، وعودة كل مضرب لموقع عمله، والانشداد المجتمعي الكامل لمواجهة الهجمة الصهيونية الفاشية وإئتلاف حكومة الترويكا نتنياهو سموتيريش وبن غفير، والدفاع عن مصالح وحقوق الشعب الوطنية.
[email protected]
[email protected]

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار