التحول لدى بعض السياسيين من الولاء إلى المعارضة وبالعكس 

06 مارس, 2023 05:47 مساءً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

رام الله -في البلاد العربية من السهل جداً بأن تجد أحد السياسيين من أشد المدافعين عن النظام السياسي لدولة أو الاتجاه السياسي الذي ينتمي إليه وقد يكون من أشد المنظرين لذلك النظام السياسي، وليس من العيب أو العار أن يبدل الإنسان موقفه في قضية ما ولكن من غير المعقول أن يحدث إنقلاب فكري شامل ويتحول إلى النقيض وخاصة عندما يخرج من سدة النظام السياسي وقد شاهدنا هذه الحالة المتصاعدة في عالمنا العربي، وعلى سبيل المثال عبد الحليم الذي خدم سنوات عمره وهو من أشد الشخصيات السياسية في دفاع عن النظام السياسي في سوريا بل كان الأكثر تعرض للأنتقاد من المعارضة السورية وقد تعرض إلى العديد من محاولات الاغتيال وقد أصيب في أحدهم في يده،  ولكن اكتشف40 سنةو بشكل  مفاجئ بأن الشعب السوري يتعرض لظلم والقهر والاستبداد والجوع ويبحث عن الطعام في حاويات القمامة وبأن النظام يقمع الشعب ولا توجد ديمقراطية وحرية تعبير هذا نموذج من نماذج المعارضة السورية الذي غادر سوريا إلى باريس للبحث عن الحرية والديمقراطية، وبذلك أصبح ضمن منظومة المعارضة المدعومة من حلف الناتو والإدارة الأمريكية والمدعومة ماليا من دول الخليج وفي نهاية الأمر استنزاف هذه المعارضة والتي شاركت بشكل مباشر في تدمير وتجويع الشعب السوري، ولقد فشل عملية إسقاط النظام رغم مشاركة أغلبية دول العالم، إضافة إلى ما يقارب من نصف مليون إرهابي شاركوا من أجل إسقاط ليس النظام فحسب بل إسقاط الدولة السورية، وماذا كانت النتائج فشل ذريع في تحقيق ذلك وأصبحت تلك الدول تتراجع وتدفع في إتجاه عودة العلاقات مع سوريا بعد سنوات طويلة وتتسبب في الحصار والعقوبات ومقتل آلاف المواطنين وتشريد نصف الشعب السوري. وتدمير البنية تحتيه وكافة الخدمات التي كانت تقدمها الدولة للمواطنين ونخفض قيمة الليرة السورية والعجز الإقتصادي وإيصال سوريا إلى هذه النتائج المدمرة  .

وفي سياق المعارضة العربية فقد قدمت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ودول التحالف والدول الخليجية كل أشكال الدعم للمعارضة العراقية ولم تستطيع هذه المعارضة بكل مسمياتها من إسقاط الدولة العراقية، إلا في الإعتماد على إحتلال العراق من خلال دول التحالف وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وما هي النتائج بأن العراق تم إعادته إلى العصور الوسطى من الفقر والجوع والبطالة وتراجع نسبة التعليم والمديونية رغم أن العراق قد غادر محو الأمية في نهاية عام 1980. 

وفي لبنان بعض القيادات السياسية والحزبية فقد تحول من تحالف إلى آخر ووفقاً للمصالح الذاتية وفي بعض الأحيان الجغرافيا السياسية وتأثيرها والمذهبية والطائفية تلعب دور في هذه التحولات، في حين بأن الشخصيات السياسية والحزبية في كلا الحالتين الفلسطينية والأردنية  متشابهة إلى حدا كبير، حين يغادر  المسؤولين موقع الوزارة والسلطة والمواقع الحزبية والفصائل الفلسطينية، يصبح هؤلاء في الصفوف الأولى للمعارضة السياسية بل أشدهم في الانتقاد و العديد ممن شاركوا في ورشة البحر الميت،  وممن يشاركوا في جلسات خاصة، فيصبح شغلهم الأساسي كيل التهم على منظمة التحرير الفلسطينية وعلى السلطة الفلسطينية وقيادتها وعلى إتفاق أوسلو الذي يعتبر الكارثة التي إصابتهم جميعاً في العالم العربي 
وأنا أكتب هذه السطور لم أعلن يوم أنني من مؤيدين إتفاق أوسلو في الماضي أو الحاضر أو في المستقبل 
ولكن الملفت للنظر  بعض المسؤولين السابقين من الأردن وفلسطين يمرون مرور الكرام على إتفاق كمب ديفيد أو إتفاق وادي عربة أو إتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و"إسرائيل" واتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل منذ حرب تموز 2006 إلى الوقت الحاضر وإلى عمليات العدوان الإسرائيلي المتواصل بين يوم وآخر على سوريا الشقيقة، ولم نسمع من هذه الشخصيات السياسية والإعلامية توجيه الاتهام والانتقادات للمقاومة الإسلامية والمتمثلة بحركة حماس والهدنة مع الإحتلال الإسرائيلي ودخول الأموال القطرية الشهرية عبر البوابة الإسرائيلية في إطار الهدنة طويلة الأمد مع الإحتلال الإسرائيلي وإقامة دويلة غزة المحررة. وأصبح الجميع يتحدث عن المقاومة والبعض منهم كان لهم دوراً بمنع المقاومة  ولمفت لنظر بأن أحد المشاركين في ورشة البحر الميت كان سفير لدى حكومة الإحتلال الإسرائيلي. 

الرئيس أبو مازن مهندس أوسلو طلب من النظام الدول العربية من خلال جامعة الدول العربية، توفير حزمة الأمان الاقتصادي للسلطة الفلسطينية والتحرر من التبعية الاقتصادية للاتفاق باريس وتحرر التدريج من إتفاق أوسلو الذي  تمزق من خلال دخول جيش الإحتلال الإسرائيلي الفاشي وقطعان المستوطنين مختلف مناطق الضفة والقدس، إضافة إلى نظام العقوبات والحصار الإقتصادي واحتجاز أموال الضرائب الفلسطينية بما في ذلك قرصنة أموال الشهداء والأسرى في سجون الإحتلال الإسرائيلي. 

ورغم ذلك فإن السلطة الفلسطينية لم تتوقف عن صرف رواتب الشهداء والأسرى والمعتقلين رغم الإجراءات الإسرائيلية، وتحجز سلطات الإحتلال مليار شكيل من أموال الضرائب الفلسطينية، إضافة إلى حجز أموال الشهداء والأسرى، في حين بأن حماس تجمع الضرائب في قطاع غزة من خلال المعابر الحدودية وتجارة ومن الضرائب المفروضة على المواطنين الفلسطينيين وبما في ذلك المنحة القطرية، والمساعدات الأخرى ومع ذلك تتحمل حكومة السلطة الفلسطينية في رام الله النفقات المالية على قطاع غزة في حين نفقات حماس فقط على مرتبة قياداتها وعناصرها في قطاع غزة؛ لذلك ليس المطلوب فقط توجيه الاتهام ولكن السؤال المطروح كيف يتم توفير آلية الدعم والإسناد لشعبنا الفلسطيني تحت الإحتلال الإسرائيلي والبحث عن آلية التحرر من مختلف الاتفاقيات مع الإحتلال الإسرائيلي إلى جانب ذلك البحث حول الإجراءات العملية من قبل المحللين السياسين والقوى السياسية والمعارضين في الخروج من نفق الانقسام والخلافات داخل الساحة الفلسطينية في الوطن والشتات، والخروج بموقف وطني يدفع في وحدة وطنية فلسطينية كخطوة أولى اتجاه إنهاء الانقسام وإيجاد القواسم المشتركة للمواجهة التحديات الإسرائيلية والمتمثلة في تصفية القضية الفلسطينية. 

لا أتهم أحد ولكن من باب المعرفة من يمول إقامة المؤتمرات في فنادق خمسة نجوم في البحر الميت؟ ومن يمول المعارضة السورية وغيرها من بعض المعارضين العرب ومن بعض الفلسطينيين؟ ولماذا يسمح بتقديم مليارات الدولارات إلى أوكرانيا في حين تمنع المساعدات إلى الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الإحتلال الإسرائيلي منذ نكبة عام 1948 حتى اليوم الحاضر؟ هل نحتاج إلى حدوث زلازل في فلسطين  حتى نشاهد قوافل الدعم والإسناد 

أتمنى بأن تخصص مصاريف المؤتمرات وجلسات تحرير فلسطين في الصالونات السياسية والتي يتخللها ولائم طعام وشرب إلى من يتم تدمير منازلهم إلى الصامدين والمرابطون في القدس الشريف ونحن على أعتاب شهر رمضان المبارك، أعاده الله على من يتقي الله بالعمل الصالح..


عمران الخطيب 


[email protected]

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار