خطر تصريح النائبة

27 فبراير, 2023 10:35 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة

رام الله -الولايات المتحدة الأميركية تعيش صراعا صريحا وعلنيا بين الحزبين المركزيين الجمهوري والديمقراطي، ولهذا التناقض انعكاس مباشر في الشارع الأميركي في مختلف الولايات، ويترك بصماته على النخب وقطاعات المجتمع. رغم ان كلا الحزبين لا يوجد بينهما افتراق في القضايا الاساسية التي تمس الامن القومي والمصالح العليا للولايات المتحدة. لا سيما وانهما من خلفية فكرية وعقائدية وطبقية واحدة. بيد ان التناقضات الآخذة في الارتفاع والتصاعد بين اقطاب الحزبين تدفع بالامور نحو مآلات خطرة في أوساط الشعب، وعلى حساب السلم الأهلي ومستقبل الولايات المتحدة، من حيث يدري المتصارعون او لا يدرون.
نموذج يستحق التوقف امام ما ادلى به من مواقف تعكس ملامح التباعد والهوة بين مركزي قرار الحزبين الديمقراطي والجمهور، وهذا النموذج تمثله النائبة الجمهورية، مارجوري تايلور غرين، التي دعت على موقعها على "تويتر" إلى "طلاق وطني"، معتبرة أن الوقت قد حان لتقسيم البلاد على أسس سياسية. لإن الخلافات بين الولايات الجمهورية والديمقراطية غير قابلة للتسوية. وأضافت "نحن بحاجة الى طلاق وطني.. من قضايا ثقافة اليقظة المريضة والمثيرة للاشمئزاز، التي فرضت علينا سياسات أميركا الأخيرة الخائنة للديمقراطية، لقد انتهينا."
وفي اعقاب ردود الفعل على موقفها المثير للانتباه، قامت عضوة الكونغرس بتفسير نفسها، دون ان تغادر محتوى ما حمله البوست الأساسي، فقالت أن "الطلاق الوطني لا يعني حربا أهلية." إذا ما هو "الطلاق الوطني"؟ وما هي حدوده؟ وما هي آفاقه السياسية، إن لم يكن حربا أهلية؟ وباي معنى يمكن تفسير الطلاق والانفصال بين ولايات الفيلة والحمير؟  بالنتيجة الموضوعية لا يمكن تفسير الطلاق السياسي بغير إحتدام الصراع بين ممثلي الحزبين في الشارع الأميركي، وبين الولايات الحمراء والزرقاء، أي اعلان الحرب الاهلية، وعودة الأمور لزمن تأسيس الولايات المتحدة.
وفي هروب للامام، كتبت لتوضيح ذاتها اكثر، فقالت أن الرئيس جو بايدن هو من يقود البلاد "إلى الحرب العالمية الثالثة." وأضافت "لقد سئم الناس وإشمأزوا من الجنون اليساري وكارثية سياسات اميركا الأخيرة." وتابعت تخلط الحابل بالنابل لجهة عدم التمييز بين ما تصفه باليسار واليمين عندما كتبت "الطلاق ليس حربا أهلية، لكن بايدن والمحافظين الجدد (كان قبل قليل بادين واليسار، الان الرئيس والمحافظين؟ ومن هم المحافظين، إن لم يكونوا من الجمهوريين قبل الديمقراطيين؟) يقودننا الى الحرب العالمية الثالثة."
مما لا شك فيه، انها اصابت بتأكيدها ان الإدارة الديمقراطية تقود العالم الى الحرب العالمية الثالثة وفق خطة منهجية واضحة لا لبس فيها، او غموض، وهي الان تقود دفة الحرب بالوكالة في أوكرانيا، وستدفع بها لتشمل كل أوروبا، والتي بالضرورة لن تنأى بها عن واشنطن نفسها هذه المرة، حتى لو ارادت ذلك. وبهذا المعنى كتبت عن اخطار زيارة بايدن لاوكرانيا الأخيرة، فكتبت في تغريدتها الثالثة "اقيلوا بايدن، او اعطونا الطلاق الوطني. نحن لا ندفع ضرائب لتمويل حروب دول اجنبية ليست حتى حليفا في الناتو." وكأن لسان حال مار جوري، ان الولايات ليست كلها متورطة بالحرب العالمية الثالثة القادمة، وعلينا من الان ان نفصل الولايات الجمهورية الحمراء عن الولايات الديمقراطية الزرقاء.
لكن النائبة الجمهورية تعلم ان التناقضات بين ولايات الفيلة والحمير اسبق من تولي الرئيس بايدن القيادة، ولا تقتصر الصراعات بين ممثلي الحزبين على اللحظة السياسية الراهنة، والتي هي امتداد للخلافات في اكثر من مجال وحقل سياسي واقتصادي وبيئي وصحي واجتماعي. فضلا عن ان الحزب الجمهوري وصقوره من حزب الشاي والمحافظين الجدد ورطوا الولايات المتحدة في العديد من الحروب، وأججوا الصراعات في العديد من دول وقارات العالم وخاصة الوطن العربي وجنوب شرق اسيا، وبالتالي على عضوة الكونغرس ان تفيق من غفوتها، وتراجع ما كتبته، لان حزبها الجمهوري لا يقل خطرا عن الحزب الديمقراطي، وكلاهما شريك في حروب اميركا في اصقاع الأرض كلها.
بالعودة لدعوة النائبة الجمهورية بالانفصال والطلاق الوطني بين الولايات الجمهورية والولايات الديمقراطية، فهي لا تنحصر بشخصها، لانها انعكاس لمزاج عام في أوساط الحزبين، وليست مقتصرة على أعضاء الحزب الجمهوري، وكل محاولات التخفيف من حدة التناقضات باءت بالفشل، لا سيما وان حادثة اقتحام مبنى الكونغرس في مطلع يناير 2020 من قبل انصار الرئيس الجمهوري ترامب، شكلت تحولا نوعيا في ضرب ركائز الوحدة الأميركية، والسلم الأهلي، ومازالت ارهاصاتها تتطور. ومع هذا الدولة الأميركية العميقة في اميركا، والتي تشمل اقطاب الحزبين وكل اباطرة رأس المال المالي والكارتلات الحربية والصناعية والسيبرانية موحدة في خيار الحرب العالمية الثالثة القائمة حتى اللحظة بالوكالة في أوكرانيا والوطن العربي وإقليم الشرق الأوسط، وإقليم جنوب شرق اسيا، وأميركا آيلة للسقوط والاندحار.
[email protected]
[email protected]

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار