انقذوا اشقاؤكم من الزلزال

08 فبراير, 2023 09:16 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة

رام الله -في أفلام الرعب الكثير من اللقطات المأساوية، التي تخطف الابصار والافئدة في آن. وكذا في الحروب بكل مسمياتها تحمل في ثناياها مشاهد دامية وموجعة الناجمة عن الدمار والدماء النازفة في جبهات القتال، وكل التداعيات المرتدة عنها التي تفتك بالضحايا العزل الأبرياء من المدنيين، وتضاعف من نقص المواد الغذائية، وارتفاع الأسعار في آن، مما يزيد من نسبة الجوع والفقر بين السكان المستهدفين بالحروب، ونقص الدواء والعلاج، وانتشار ظواهر القتل على الهوية، وارتفاع منسوب اللصوصية والاغتصاب وغيرها من الجرائم الوحشية.
بيد ان ما تقدم لا يضاهي شيئا امام الزلازل المدمرة، التي تستطيع خلال ثوان قليلة تغيير وجه الطبيعة، وتعيد الدول والمدن والقرى عشرات السنين للوراء، وتلقي التراجيديا السوداء بثقلها وغضبها على بني الانسان بشكل صاعق، وتهدد حضارات الشعوب والأمم في زمن قياسي.
اول امس فجر الاثنين الموافق 6 فبراير الحالي شهدت عشر ولايات تركية زلزالا من الطراز المذكور، والذي ضرب شمال سوريا العربية عموما وادلب وحلب وريفهما خصوصا بكارثة لا تقل بشاعتها عما أصاب الشعب التركي، وادى لتدمير ما يقارب من العشرين الف مبنى في الدولتين الجارتين، وعشرات الاف من الضحايا بين الأموات والجرحى والمطمورين تحت الأنقاض ينتظرون يد الله جل جلاله والمنقذين لإنقاذ ممن مازال يكابد الحياة تحت ركام العمارات والابنية التي تساقطت كأحجار الدومينو في مشاهد مرعبة وقاتلة.
مأساة كارثية بكل معنى الكلمة اصابت الشعبين الجارين، وحسب خبراء هيئة الأمم المتحدة فإن المنطقة لم تشهد زلزالا بهذه القوة منذ قرن مضى تقريبا. ولكن مأساة أبناء الشعب العربي السوري مضاعفة في هذه الكارثة لاكثر من سبب، أولا حصول الزلزال في منطقة الصراع المحتدم بين الدولة والقوى التكفيرية؛ ثانيا غياب سيطرة الدولة الكلي عن تلك المناطق؛ ثالثا  العقوبات متعددة الأوجه الغربية عموما والأميركية خصوصا اللا إنسانية المفروضة على سوريا، وتأثيرها الخطر على وصول المساعدات؛ رابعا حدوث الزلزال في مناخ شتائي شديد البرودة، مما صعب إمكانيات التدخل في الإنقاذ؛ خامسا صعوبة وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين نتيجة تعدد القوى المتصارعة؛ سادسا  صعوبة توزيع المساعدات على المحتاجين؛ سابعا انعدام وجود الاليات والإمكانيات اللوجستية اللازمة للانقاذ؛ ثامنا ارتفاع عدد الأبنية المدمرة، وتوزعها على مساحات واسعة؛ تاسعا نقص المستشفيات والمستوصفات والخدمات الصحية عموما؛ عاشرا النقص الحاد في أماكن الايواء للذين دمرت بيوتهم وشققهم السكنية.
ومأساة الاشقاء السوريين لا تنحصر في المحافظات التي طالها الزلزال الكارثي، وانما تعرض المئات والاف منهم لتداعيات الكارثة في تركيا نفسها، موقع الزلزال. لا سيما وان هناك ملايين السوريين الذين لجأوا لتركيا نتاج الصراع الدامي فيها منذ عام 2011، واصابهم ما أصاب الشعب التركي في الولايات العشر.
كل هذه العوامل هددت وتهدد مصير عشرات الاف من المواطنين السوريين والمقيمين على الأراضي السورية، وتفتح شهية الموت لالتهام أرواح أبرياء جدد ممن لا مأوى لهم، وتأخر وصول المساعدات الإنسانية المطلوبة، وعدم تمكن المستشفيات الموجودة من تقديم المساعدات العلاجية للجرحى والمصابين لمحدوديتها، ونقص الإمكانيات فيها.
هذا المشهد الكارثي يتطلب من كل الاشقاء العرب أولا وقبل كل شيء تقديم المساعدة للاشقاء في سوريا، وإختراق كل الحواجز والتعقيدات لتقديم المساعدات العاجلة دون انتظار، ودون التوقف عند حدود السياسة وخلفيات الأنظمة من بعضها البعض. وكذلك على الجمعيات الخيرية الاهلية من مختلف المسميات في الدول العربية اعلان حالة الطوارئ لجمع المساعدات من الشعوب الشقيقة لدعم اشقائهم، وأيضا على كل دول العالم دون استثناء الاسهام بدورها الإنساني لدعم الشعبين السوري والتركي ودون تمييز او حسابات ضيقة.
اللحظة الكارثية تفرض كسر التابوهات والقيود السياسية والأمنية، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشعبين التركي والسوري فورا ودون تردد او تفكير. لان المصلحة الإنسانية، وحماية الانسان القيمة الأعلى على كوكب الارض تعلو على كل الحسابات الضيقة.
[email protected]
[email protected]

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار