ما مصير رونالدو مع مانشستر يونايتد بعد كأس العالم؟

30 اكتوبر, 2022 01:03 مساءً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

لندن –بادر الأسطورة كريستيانو رونالدو، بتقديم «عربون الصلح» مع مدرب مانشستر يونايتد إيريك تين هاغ وجماهير النادي، بعد التزامه بالعقوبة الأدبية التي فُرضت عليه الأسبوع الماضي، بالنزول لتدريبات فريق الرديف، على خلفية ما فعله في ليلة الفوز توتنهام بثنائية نظيفة، بتجاهل طلب المدرب بالمشاركة كبديل في الدقائق الأخيرة، وكانت البداية، بعودته إلى التشكيل الأساسي وظهوره اللافت أمام شيريف تيراسبول المولدوفي، في المباراة التي حسمها عملاق البريميرليغ بثلاثية نظيفة، منها الهدف رقم 701 للدون في رحلته مع الأندية.

ما بعد كأس العالم

لا يُخفى على الصغير قبل الكبير، أن صاروخ ماديرا حاول جاهدا الهروب من سفينة الشياطين الحمر، بعد إخفاق الفريق في حجز أحد البطاقات الإنكليزية المشاركة في بطولته المفضلة دوري أبطال أوروبا، لكنه اصطدم برغبة المدرب الهولندي ببقائه مع الفريق لنهاية عقده الممتد لآخر مباراة رسمية هذا الموسم، بحجة حاجة المشروع لعصارة خبرته وشخصيته القيادية، باعتباره المُلهم والقدوة لُجل الشباب في غرفة خلع الملابس، لكن سرعان ما توترت العلاقات بين النجم الكبير ومدرب أياكس أمستردام السابق، لاعتراض الأول على وضعه في «أولد ترافورد»، من ذاك البطل الذي لا يبتعد عن القوام الرئيسي إلا للظروف الطارئة، إلى بديل غير مستخدم في أغلب المباريات الدوري الإنكليزي الممتاز، والعكس في ليالي خميس اليوروبا ليغ، التي يتعامل معها تن هاغ، على أنها فرصة جيدة لتنشيط البدلاء ورجال الصف الثاني، ومن يعرف رونالدو وطبيعته منذ سنوات، كان يفهم جيدا، أنه سيكشر عن أنيابه أو على أقل تقدير سيسجل اعتراضه على هذا الوضع بطريقة أو بأخرى، إلى أن جاءت لحظة الحقيقة، بتمرد لا لبس فيه على المدرب، رافضا تعليمات الأخير، باللعب في آخر دقائق موقعة السبيرز، ولم يكتف بذلك، بل ترك الملعب قبل نهاية الوقت الأصلي، ما أثار وفجر غضب تن هاغ، وجعله يأمر بإرسال الأيقونة إلى فريق الشباب وإبعاده عن قائمة مباراة تشلسي، وبالتبعية فتح الباب على مصراعيه، لإحياء اشاعات وتقارير الصيف الماضي، بربط اسمه بأندية أخرى، بعد عودته من مونديال قطر 2022، الذي سينتهي قبل أيام من فتح سوق الانتقالات الشتوية.

المستحيلات الثلاثة

صحيح حتى الآن يبصم رونالدو على واحد من أقل المواسم إنتاجية في مسيرته الاحترافية منذ نعومة أظافره مع سبورتنغ لشبونة، ومن حين لآخر يتلقى أنباء تعيسة عن ملاحقة ليونيل ميسي لأرقامه الخارقة في الكأس ذات الأذنين، مثل الاقتراب من معادلة رقمه الأسطوري، كأفضل صانع ألعاب في تاريخ البطولة، بإجمالي 42 تمريرة مفتاحية، مقابل 39 للبرغوث، بعد صناعة هدفين في ليلة الفوز على ضيف باريس سان جيرمان المغمور بسباعية مقابل اثنين في دوري أبطال أوروبا، فضلا عن تقلص الفارق بينهما لـ11 هدف فقط في الصراع الأزلي على صدارة هدافي الأبطال في كل العصور، بعد وصول ليو لهدفه الشخصي رقم 129 مقابل 140 لهداف ريال مدريد التاريخي، لكن على أرض الواقع، يبدو انفصال رونالدو عن اليونايتد في الميركاتو الشتوي، وكأنه واحد من المستحيلات الثلاثة، أولا سيكون من الصعب بالنسبة له، أن يغادر الفريق في منتصف الموسم، لأسباب تتعلق بعلاقته القوية بالجماهير والكيان، التي دشنها في ولايته الأولى، التي قاد خلالها الفريق للفوز بلقب البريميرليغ 3 مرات، والأهم آخر كأس دوري أبطال دخلت خزائن «مسرح الأحلام» على حساب الغريم المحلي تشلسي في العام 2008، وحتى بعد عودته في ولايته الثانية الموسم الماضي، كان بمثابة النقطة المضيئة الوحيدة في المشروع، بتوقيعه على 24 هدفا بالإضافة إلى 3 تمريرات حاسمة في كل البطولات. وفي المقابل، سيكون الخيار الأخير لإدارة النادي، هو التصديق على قرار «الطلاق البغيض»، مع واحد من أهم أساطير النادي، وأحد أعظم اللاعبين في تاريخ اللعبة الشعبية الأولى عالميا، الأمر الذي قد يكون له تأثير سلبي على سمعة النادي وقدرته على جذب وإقناع النجوم في المستقبل.

التكاليف وضعف الطلب

واحدة من المستحيلات، التي تمنع رحيل رونالدو عن اليونايتد في منتصف الموسم، تكمن في صعوبة العثور، على مشتر، تتوافر فيه الشروط الرئيسية التي يبحث عنها النجم الكبير، أن يكون منافسا على دوري أبطال أوروبا، وقادرا على تحمل تكاليف إطلاق سراحه من الجزء الأحمر لعاصمة الشمال، بما في ذلك راتبه الباهظ وهو على وشك كسر حاجز الـ38 عاما، علما بأنه في يناير / كانون الثاني، سيبدأ العد التنازلي لآخر ستة شهور في عقده مع النادي، وهذا في حد ذاته، سيجعل الأندية التي لديها رغبة في الحصول على توقيعه، تؤجل الفكرة برمتها حتى يكون حرا في يونيو / حزيران، وإدارة المان يونايتد، تُدرك جيدا هذه الجزئية، وتُجيد استخدامها للعبة «عض الأصابع» مع وكيل أعماله جورج مينديز، إلا إذا خالف العرف السائد في السنوات القليلة الماضية، ونجح في العثور على ناد، على استعداد لإنفاق مبالغ ضخمة في لاعب لا يتقى في عقده سوى أشهر قليلة، وذلك بعد إخفاقه في المرة الأولى، بجلب عرض مُقنع لعائلة آل غليزر في النافذة الصيفية الأخيرة، وقيل آنذاك إن وكيل أعماله عرض خدماته على عدد لا بأس به من كبار البريميرليغ، أبرزهم تشلسي، وبايرن ميونيخ وأندية أخرى بنفس الوزن، لكنه تفاجأ بتمنع العمالقة على موكله، إما لعدم قدرة البعض على دفع راتبه، وإما لأسباب فنية تتعلق بوجهة نظر المدرب، كما أشيع عن اعتراض مدرب البلوز السابق توماس توخيل على ضمه، لعدم حاجته لرأس حربة صريح ولا مهاجم كبير في السن، فكيف إذن سيكون الطلب عليه قبل ستة شهور فقط من نهاية عقده مع النادي؟

الرجل المخلص

كما أشرنا أعلاه، يتمتع رونالدو بكاريزما وحضور طاغي، وبصرف النظر عن تصرفه النادر أمام الديوك، ما زال يحظى باحترام وتقدير الجميع في مانشستر، وخصوصا الشباب الذين كانوا يحلمون بالتقاط صورة سيلفي معهم، وأصحاب القرار في النادي ومن خلفهم المدرب تن هاغ، يفهمون جيدا، أن هؤلاء الشباب يتعلمون أشياء كثيرة من بطل طفولتهم، ناهيك عن عقليته الفريدة من نوعها، وقدرته على حشد اللاعبين وتحفيزهم على القتال من أجل الشعار، غير أن التزامه رياضيا وانضباطه في التدريبات ومرونته مع أنظمة التدريب، وهو بعمر 37 عاما، يساهم في غرس روح الانضباط داخل الشباب والأجيال القادمة، وخروجه من شأنه أن يترك فراغا كبيرا في غرفة خلع الملابس وفي قاعدة «كارينغتون». هذا ولم نتحدث عن دوره المحتمل، بأن يستعيد مكانه في التشكيل الأساسي، بسبب مشاكل الإصابات التي تلاحق المهاجم الأول والمفضل بالنسبة للمدرب، والإشارة إلى الفرنسي أنطوني مارسيال، ولا ننسى أنه يُقدم محتوى مختلف عن ماركوس راشفورد، الذي اعتمد عليه تن هاغ في مركز المهاجم رقم 9. صحيح العشريني الإنكليزي، يؤدي بشكل جيد، مستغلا قدرته على الانطلاق والمراوغة في المساحات الشاغرة في دفاعات الخصوم، لكن يعيبه اللمسة الأخيرة أمام المرمى، وهي الميزة التي يتفوق بها رونالدو على باقي الأسماء المتاحة، ما يعني أنه بعد عربون الصلح أمام شيريف، قد تنقلب أوضاعه رأسا على عقب، وهذا سيتوقف على بعض التفاصيل، منها خروج أحد المهاجمين من حسابات المدرب، إما بداعي الإصابة وإما لأسباب فنية، معها قد يأتي دور النجم الكبير، ويظهر تأثيره في الأوقات الحاسمة، بالطريقة التي رسمها لنفسه في السنوات الماضية، بالعودة دائما أقوى من أي وقت مضى، ردا على اتهامه بالمنتهي، كأنه يستمد قوته من هكذا تحديات، والآن ومع ارتفاع سقف طموح تن هاغ في الذهاب بعيدا في اليوروبا ليغ والبقاء على مسافة آمنة مع الأربعة الأوائل في جدول ترتيب أندية البريميرليغ، سيكون في أمس الحاجة للاعب بقيمة ووزن رونالدو، اعتاد على تقمص دور البطولة المطلقة في الأوقات العصيبة، أما الاستغناء عنه أو تركه بطريقة أو بأخرى في الشتاء، سيكون قرارا قصير النظر وضد مصلحة المشروع.

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار