العصيان الطبي...مصطلح نقابة ام عصابة ؟!.  

28 اكتوبر, 2022 10:24 صباحاً
ماجد هديب
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

رام الله - مع انطلاقة ثورة الفاتح من يناير عام 1965 فان الأنظار كانت قد اتجهت في حينه نحو بناء النقابات الفلسطينية لتصبح قاعدة من قواعد هذه الثورة من اجل المقاومة والتحرر ،وقد التزمت هذه النقابات ومنذ تشكيلها بالميثاق الوطني الفلسطيني ضمن استراتيجية موحدة لتحرير فلسطين والمشاركة أيضا في المؤتمرات الدولية بتشجيع وتنسيق من قيادة الثورة نفسها، حيث أسهمت هذه النقابات بكافة انواعها في توعية الفلسطينيين بشؤون قضيتهم، وكانت أيضا بمثابة العمود الفقري لمنظمة التحرير والجسم الصلب في حماية قرارها ووجودها ،الا انه ومع اتفاقية أوسلو وبناء السلطة الوطنية الفلسطينية وفقا لتلك الاتفاقية ،فان منظمات نقابية قد تلاشت او اندمجت بأخرى ،في حين تم انشاء منظمات أخرى وفقا لطبيعة الظروف والمرحلة ،ومنها مرحلة الانتقال من الثورة الى الدولة ،فهل ساهمت هذه النقابات بحماية هذه السلطة وأصبحت بمثابة الجسم الصلب لحمايتها من اية مؤثرات او عدوان كما كانت تلك النقابات قد ساهمت في حماية الثورة في بدايات انطلاقتها وقبل العودة الى ارض الوطن؟ ، ام ان هذه النقابات أصبحت عبئا ثقيلا على السلطة، بل واداة أيضا لإضعافها من خلال استغلالها للديمقراطية الممنوحة لها، فهل يمكن القول مثلا بأن أفعال هذه النقابة واقوال تلك ،ودعوات كل منها قد اصبحت بمثابة العمل الماجور قصد التخريب والاستهداف لمصلحة دول او اشخاص يبحثون عن وجود او نفوذ ؟.

مع انطلاقة الثورة الفلسطينية وانشاء المنظمات والاتحادات الشعبية فانه لم يكن لدى المنتسبين اليها اي طموح لمنصب او جاه ،بل ان الكثير ممن انتسبوا اليها كانوا يتهربون من تبوء قيادتها لم  لهذا المنصب من استحقاقات ،ومن ذلك التسابق على بذل التضحية والفداء ،وإلغاء الانا ،والانصهار في بوتقة الجماعة من اجل فلسطين ،اما الان، وفي ظل الديمقراطية الزائفة بعناوينها المختلفة فقد بات اغلبية من ينتمي لتلك الاتحادات والنقابات يتسابقون من اجل تقدم الصفوف وتبوء المقاعد القيادية فيها من اجل تحقيق اهداف لا مكان للوطن فيها ،فمنها الشخصية ،ومنها تنفيذا لأجندات حزبية ،او تمرير سياسة دول ما زال يحمل رئيس هذه النقابة او تلك جنسيتها وذلك لاستغلال هذا النقيب او ذاك الحصانة النقابية الممنوحة له وهي الضمانات والمزايا التي تتمتع بها فئات معينه لحمايتها وتامين أداء وظيفتها بحريه ودون عوائق ،حيث ان الحصانة لم تعد مقررة للوظيفة ،وانما أصبحت ميزه شخصية ، ولعل ما تقوم به نقابة الأطباء بالضفة الان وما قامت به من قبل  ،وما يصدر عنها من بيانات وتصريحات لا يخرج عن تلك الغايات ،خاصة وان كل ما صدر عنها لا يتوافق مع أسباب قيامها ،فهل العصيان الطبي الدي اعلنته  نقابة الأطباء بإخلاء كافة المستشفيات العامة والخاصة واغلاق المراكز الصحية ،مع التوقف الكامل عن تقديم العلاج للمرضى هو في اطار العمل النقابي من اجل المواطن والوطن وحماية مؤسساته ،ام من اجل ماذا ؟.

على كافة النقابات المهنية والشعبية ان تعلم بان الحصانة النقابية تعني وضع ضمانات لحماية القادة النقابيين وأعضاء هذه النقابة من بطش صاحب العمل أو السلطة الإدارية تمكينا لهم من أداء دورهم في الدفاع عن مصالح زملائهم بعيدا عن أي ضغوط أو عوائق, مثل حمايتهم ضد الوقف ،والنقل والندب ،والفصل ،او الاعتداء على حقهم بالانتخاب والترشح ،او الاعتداء على حقوقهم المالية ،وليس من اجل حمايتهم من إجراءات قانونية او دستورية كالحق بالاستدعاء، او الجلب ،او الاعتقال على خلفية شكوى، او ارتكاب جناية أيا كانت, أو جنحه مخلة بالشرف ،أو الأمانة ،أو الآداب العامة داخل أو خارج العمل، ام ان النقابات على اختلاف تنوعها اصبحت فوق القانون ،ولا سيادة على هده  النقابات الا مصلحة المنتسبين لها ووفقا لإجراءات وفعاليات هذا النقيب او ذاك وما تمليه أيضا مصلحة   كل منهما مع الداعم والمساند لهما في تنفيذ ما بينهما من مصالح شخصية مشتركة كما جرى   من تقاسم للأدوار قبل سنوات على سبيل المثال ما بين نقابة ما يسمى العاملين بجامعة الازهر وأجهزة امن حماس لتحقيق ما تطلعوا اليه من حيث اضعاف الدور الاكاديمي لجامعة الازهر فيها لما تشكله هذه الجامعة من ابعاد وطنية.

ان ما تقوم به نقابة الاطباء الاردنية الان من أفعال وبيانات وتصريحات تخرج عن الحقوق التي كفلها القانون لهذه النقابة ، وان ما صدر عن هذه النقابة من دعوات هي بمثابة الإعلان الرسمي لتجاوز هذا الدور المرسوم لها واعتبار ما تقوم به هي المقدمات المشروعة للصدام والفلتان بل والانقسام ايضا ،فهل يجوز لنقابة اطباء اردنية  تهديد الاطباء الفلسطينيين بالفصل في حال استمرار علاجهم للمرضى الفلسطينيين في المؤسسات الطبية الفلسطينية وعدم استجابتهم لما جاء في دعوتها لهم من عصيان طبي ؟ !..  

       
ان ما صدر عن السيد الرئيس  من قانون بشأن إنشاء نقابة الأطباء الدي تنص المادة الأولى منه  على إنشاء نقابة أطباء فلسطينية تسمى "نقابة الأطباء الفلسطينيين" تتولى حصراً تنظيم مهنة الطب في الأراضي الفلسطينية وفقاً لأحكام القوانين ذات العلاقة، ويكون لها الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة ويكون مقرها الرئيس في القدس ولها مقرات فرعية ومؤقتة وفقاً لاحتياجها فيما تنص المادة الثانية باستمرار العمل بقانون نقابة الأطباء رقم (14) لسنة 1954، إلى حين نفاذ قانون خاص بنقابة الأطباء الفلسطينيين.هو قانون وطني بامتياز ،وهو لا يخرج عن ارساء معالم دولتنا وتمتين قواعدها والتحلل من اية تبعية خارجية ،وهو ليس كما يحاول المنتفعون والمتسلقون الدين لا ولاء لهم للوطن ولا انتماء لقضية تسويقه وكانه تعيين امانة عامة في مكان امانة منتخبة ولا ادري كم من عضو فلسطيني من الضفة والقدس بعده الامانة؟

على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية إعادة النظر في قانون الجمعيات والنقابات وشروط التراخيص اللازمة بما يقيدها بالعمل للمصلحة العامة وذلك منعا للانزلاق نحو الفلتان الأمني المنظم التي تقوم به بعض النقابات تنفيذا لأجندات لا تتوافق مع مشروعنا الوطني ،ولا حتى الاسهام أيضا في تدعيم معالم دولتنا الفلسطينية وفقا لهذا الوضع المشوه القائم على خلط مريح بين النقابي والسياسي ،أو إخفاء السياسي في النقابي الذي بات يتحكم ليس في العملية السياسية ويشوه عملية الانتقال من الثورة الى الدولة فقط ،بل بات يتحكم في المجتمعيين المدني والسياسي ،وفي الملف الأمني ايضا .

ان نجاح نقابة الاطباء الاردنية فرع فلسطين بفرض عربدتها من خلال الضغط على المرضى  لحاجتهم  للعلاج في ظل ما تعانيه اصلا المستشفيات العامة والخاصة من أزمات وخاصة وهي في ظل الاجتياحات والاغتيالات المتكررة من جيش الاحتلال سيدفع هذه النقابة نحو التغول على السلطة الوطنية من أجل الاستيلاء على المزيد من النفوذ السياسي ،فهذه فاتحة لتغول نرى بدايته ،ولكن لا يمكن توقع نهاياته ،ولذلك لا بد من القول في نهاية هذا المقال انه لا نهاية للبلطجة النقابية إلا بإرجاع النقابة إلى دورها المدني والوقوف إلى جانب السلطة في مسيرة بناء الدولة الفلسطينية المستقرة ذات السيادة ،فحينها يمكن القول بان النقابات   هي نقابات حامية للمشروع الوطني والمساندة للسلطة باتجاه بناء الدولة ،وليس باتجاه نحو تنفيذ عمل ماجور لحساب اشخاص يبحثون عن وجود هنا ونفوذ هناك  ;كما هي نقابة الاطباء التي ما زالت تدعو الى عصبان اقرب الى عصيان تقوم به عصابات لا نقابات.

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار