ريان يحاكم العالم

02 اكتوبر, 2022 09:28 صباحاً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

نبض الحياة

رام الله -دولة إسرائيل الفاشية، الدولة الأكثر وحشية، ولا إنسانية، لا تميز بين طفل وامرأة، وبين شيخ وعجوز وشاب، الجميع مستهدفون من قبل كل اذرعها القاتلة: الجيش، الأجهزة الأمنية، قطعان المستعمرين، العصابات الصهيونية، التي انشاتها الدولة وترعاها، وتقدم الدعم لها، مستعينة بقضائها الاستعماري، وصمت العالم، ورعاية الولايات المتحدة لجرائمها، وحماية خروجها عن القانون الإنساني الدولي، وتغطي عمليات تطهيرها العرقي بكل الوسائل اللا أخلاقية، والمنافية للقانون بما في ذلك، التهديد والترغيب لانتزاع صمت واخراس الدول عن النطق بالحقيقة، او بعض اوجهها.

هذه الدولة اللا شرعية قامت قوات جيشها الاجرامي يوم الخميس الماضي الموافق 29 أيلول / سبتمبر الماضي باقتحام بلدة تقوع، جنوب شرق مدينة بيت لحم، وهاجمت مدارس الأطفال، مما استدعى من إدارات المدارس السماح للأطفال بمغادرة المدارس، وعندما كان الطفل ريان ياسر سليمان، ابن السبع سنوات مع اقرانه من الأطفال في طريق العودة لبيوتهم، هاجمتهم احدى الدوريات الاجرامية، وطاردتهم، فهرب ريان مع زملائه الأطفال، وارتقى مكانا عاليا خشية من جيش الجريمة المنظمة ورصاصه، ثم حاول الابتعاد بالقفز للجانب الاخر، الا انه فارق الحياة نتاج الخوف الشديد، والافراز اللا ارادي من الادريالين، فلم يتحمل قلبه، فتوقف نبض الطفل الرقيق على مرآى ومسمع من العالم وخاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي.

ذلك الطفل الوديع، الذي لم يحمل سوى حقيبته المدرسية، وقلم وممحاة ودفتر وكتاب الصف الثاني الابتدائي وسندويتش لم يتمكن من أكله ذلك اليوم، ولم يعد لحضن امه وابيه. حلقت روح الطفل ريان إلى الخلود عاليا، ماضيا مع ركب الطفولة الطويل، الذين اغتالتهم دولة الفصل العنصري والإرهاب المنظم الإسرائيلية. وعانق الشهيد الطفل محمد الدرة في ذكرى رحيلة الثاني والعشرين، حيث صادف وداعه الأخير مع استشهاد الدرة في ال30 من أيلول / سبتمبر 2000 في الأيام الأولى من الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) وامام والده بالقرب من حاجز مستعمرة نتساريم في غزة، التي تم تفكيكها لاحقا مع المستعمرات الأخرى في ذات الشهر من العام 2005.

عانق ريان ال67 طفلا الذين قضوا حتى الان من العام الحالي في الضفة بما فيها العاصمة القدس الأبدية، وقطاع غزة، ومن سبقوهم من مجايليه، ومنهم الطفلة ايمان حجو، وعلى دوابشة وفارس عودة ومحمد أبو خضير وغيرهم الكثير من أطفال فلسطين الأبرياء، الذين قتلتهم عصابات إسرائيل الرسمية وغير الرسمية بدم بارد. ومع ذلك، لم يحرك العالم ساكنا، سوى استنكار أميركي، ومطالبة خجولة بالتحقيق في مقتل الطفل ريان. في حين ان ذات الإدارة الأميركية وكل المنظومة الأوروبية الرأسمالية لم توقف حملات التحريض على روسيا الاتحادية منذ اشتعال الحرب على الجبهة الأوكرانية في ال24 من شباط / فبراير الماضي، وضخت وتضخ على مدار الساعة حملات إعلامية مكثفة ضد روسيا الاتحادية. فضلا عن الدعم المفتوح واللا محدود للدولة الأوكرانية، الذي تجاوز عشرات المليارات من الدولارات من اميركا ودول حلف الناتو وإسرائيل الاستعمارية، ومن يدور في فلكهم، وفي ذات الوقت تركت إسرائيل تستبيح الدم الفلسطيني.

رحيل الطفل ريان عرى مجددا سياسة الكيل بمكيالين، وازدواجية المعايير، واماط اللثام عن وجه الغرب الرأسمالي الاستعماري، الذي تاجر ويتاجر بشعارات "الحرية" و"الديمقراطية" و"حقوق الانسان" وغيرها من المفاهيم الإنسانية، التي تستخدمها غطاءا لجرائم حربها ضد الشعوب والدول المستقلة، منتهكة ابسط تلك القيم، فضلا عن قيامها بحماية ودعم إسرائيل، باعتبارها "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط الكبير". كما تصف دولة الاستعمار الوحشي نفسها، وهي لا تعدو اكثر من دولة فاشية، دولة اسبارطة المتخمة بالأسلحة الكلاسيكية والنووية والجرثومية والسبيرانية.  

ريان والدرة ودوابشة وعودة وحجو وأبو خضير والاف الشهداء من الأطفال فضحوا هوية إسرائيل كدولة مارقة وخارجة على القانون، ووجهوا اصابعهم الصغيرة الى الضباط والجنود القتلة، وعصابات "تدفيع الثمن" و"لاهافا" و"شباب التلال" وغيرها من المنظمات الصهيونية الاجرامية التي أسسها قطعان المستعمرين، وهتفوا من بين قبورهم، هؤلاء هم القتلة، هؤلاء هم الفاشيين، هؤلاء من سرقوا البيت والمزرعة والطريق والمدرسة والهواء والماء والبحر والنهر، والجبل والوادي والسهل والصحراء، وحصاد الزيتون والتين والعنب وكل مظاهر الحياة. نادوا وصرخوا باعلى صوتهم من بين قبورهم: اسرائيلكم أيها الغرب الرأسمالي، دولة موت ومحرقة، دولة استعمارية ولا شرعية، احموا الطفولة الفلسطينية والعربية في بحر البقر وتونس ولبنان وسوريا والأردن من الوحش الفاشي الهائج والمسعور الصهيوني، واعيدوا الحياة الإنسانية والادمية للباقين من أطفال فلسطين والعالم، واحموا اطفالكم منهم. لانهم لن يكتفوا بذبح الطفولة الفلسطينية، انما سيذبحوا كل طفل تصل اليه أيديهم.

الطفل البريء ريان ياسر سليمان اقام محكمته العادلة، واعلن حكمه عليكم جميعا في الغرب وفي المقدمة اميركا، بادانتكم على صمتكم، ودعمكم وحمايتكم لإسرائيل الفاشية، ويعتبركم شركاء لجرائم الحرب الإسرائيلية، وبالتالي انتم في حكم مجرم حرب وقتلة للأطفال والنساء والشيوخ والسلام، ويطالب شعوبكم وشعوب الأرض والمحاكم الدولية ذات الصلة بالقصاص منكم. لانكم لستم أمناء على أرواح الأطفال والنساء، وكونكم أُس البلاء والنكبة.  

وسلاما لروح ريان والدرة وكل الأطفال الفلسطينيين، الذين اختطفت دولة البغي والعدوان والجريمة المنظمة ارواحهم، الذين خذلتهم البشرية، وتركتهم لقمة سائغة لمصاصي الدماء من العصابات الفاشية الإسرائيلية.

[email protected]

[email protected]

مواضيع ذات صلة

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار