الساكوت في زمن الاستيطان

11 اغسطس, 2022 05:29 مساءً
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

الأغوار (الساكوت)- الحارث الحصني -كانت "الساكوت" قبل احتلال إسرائيل باقي فلسطين التاريخية عام 1967، واحدة من قرى الشريط الشرقي للضفة الغربية الغنية بالحياة الزراعية، حيث أراضيها الخصبة، وانتشار مضخات المياه.

والساكوت قرية فلسطينية ذات مناطق سهلية مفتوحة بمحاذاة نهر الأردن، واحدة من أخصب الأراضي الزراعية في الضفة الغربية، يحيطها عدة مستوطنات زراعية.

بحسب المعطيات التي قالها الباحث في شؤون الاستيطان وليد أبو محسن، فإن مساحة القرية تقدر بعشرة آلاف دونم، وكان فيها 47 مضخة مياه، و17 بئرا ارتوازيا، عدا عن الينابيع المنتشرة.

ويمكن مشاهدة غرفا إسمنتية قديمة، بداخلها مضخات المياه التي تعطي انطباعا عن طبيعة الحياة قبل وقوع المنطقة تحت الاحتلال الإسرائيلي.

لكن موقعها "الحساس" على مقربة من الحدود الفاصلة بين الضفتين، جعل الاحتلال يعلنها منطقة عسكرية مغلقة، ولم يكتفِ بذلك، فقد أخبر منسق وحدة البحث الميداني في مركز أبحاث الأراضي رائد موقدي، مراسل "وفا": "إن الاحتلال أنشأ عام 1971، حقول ألغام أرضية في أراضي المنطقة".

ولعدة عقود من الزمن، بقي الحال على ما هو عليه، منطقة ممنوعة على الفلسطينيين، حتى عام 2012، عندما أزال الاحتلال الألغام الأرضية من بعض اراضيها.

يقول موقدي: "بعدما أزال الاحتلال الألغام من بعض الأراضي التابعة للساكوت، بدأت أنشطة للمستوطنين في المنطقة، تقودها جمعيات استيطانية متطرفة".

ويضيف "في المقابل بدأت تحركات فلسطينية قانونية على المستوى الرسمي، في محاكم الاحتلال، لاستصدار قرار يمنحهم حق فلاحة أراضيهم المحرومين منها منذ عشرات السنوات".

وقد تكللت تلك الجهود في عام 2016 بالنجاح، عندما استطاع الفلسطينيون بعد معركة قانونية في محاكم الاحتلال، من استعادة ما يقارب 5340 دونما من أراضيهم الزراعية المحيطة بنبع عين الساكوت.

حينها استبشر المواطنون خيرا، بالبدء بمرحلة جديدة في المنطقة، وهو ما ينعش الاقتصاد المحلي، ويوفر مئات فرص العمل للعاطلين عن العمل في الضفة.

ورغم المشاريع التي نفذتها الجمعيات الزراعية الفلسطينية، إلا أن الاحتلال قد واجه تلك المشاريع بالإخطارات، والتدمير.

عدا عن ذلك، فاليوم يمتلك المهتمون بتوثيق انتهاكات الاحتلال والمستوطنين، سجلا كبيرا خلال السنوات الماضية، عن اعتداءات قام بها المستوطنون بحق المزارعين الفلسطينيين.

قال موقدي: "الاحتلال والمستوطنون وجهان لعملة واحدة، فعليا الساكوت في قبضة المستوطنين".

"حتى وإن كانت أراضي الساكوت ليست تحت سيطرة المستوطنين بشكل مباشر، لكن بالنسبة لنا وجود المستوطنين في المنطقة يعني أن أراضيها ليست بمعزل عن السيطرة، ودليل ذلك أنه بشكل شبه يومي توثق اعتداءات ينفذها المستوطنون بحق المزارعين في المنطقة" قال موقدي.

"أراضي الساكوت على حافة أن يستولي عليها المستوطنون"، يرى موقدي.

ويؤكد الباحث في شؤون الاستيطان أبو محسن الكلام ذاته، بقوله: "فعليا لم نسترجع شيئا، الأمور فقط نظريا". لكن رغم ذلك، فإن مساحات محدودة من أراضي المنطقة يزرعها الفلسطينيون ببعض المحاصيل.

ويقول أبو محسن: "نصف مساحة الساكوت تقريبا 5 آلاف دونما، يستغلها المستوطنون بشكل مباشر في الزراعة".

في أرقام صادرة عن تقرير لمعهد أريج، بعنوان: "السياسات الإسرائيلية تجاه أراضي الأغوار": "تبلغ مساحة الأراضي الزراعية الإسرائيلية التابعة للمستوطنات الإسرائيلية، في منطقة العزل الشرقية 64,000 دونما، ما نسبته 7.4% من المساحة الكلية للمناطق الزراعية في منطقة العزل الشرقية".

لكن في طوباس والأغوار الشمالية بلغت المساحة الزراعية التي يسيطر عليها المستوطنون للأغراض الزراعية والتي تقع على مقربة من المستوطنات في طوباس والأغوار الشمالية 16,796 دونما.

ويتوقع مختصون بشأن الاستيطان في الأغوار الشمالية أن مساحة الأراضي يمكن أن تزداد، تماشيا مع عدد البؤر الاستيطانية التي يقيمها المستوطنون في الشريط الشرقي للضفة الغربية.

يقول أبو محسن، "يوجد في الأغوار الفلسطينية 35 مستوطنة أغلبها زراعية، وهو يدل على نوعية المستوطنين في تلك المنطقة.

ولأن الساكوت من أخصب المناطق الزراعية في الضفة الغربية، فإنه حسب المختصين "لن يتركها المستوطنون أبدا".

ففي عام 2018، بدأ أحد المستوطنين عمليات تجريف عند إحدى البوابات الحديدية المؤدية إلى العين، بعدها بعامين شرع المستوطنون بتسييج النبع، في محاولة لمنع الفلسطينيين من الوصول إليها.

"تسلسل في بسط المستوطنين نفوذهم على العين".

قال موقدي: "المستوطنون الذي يعملون في الساكوت يأتون من جمعيات متطرفة دينية، وعصابات مدعومة بهدف تجنيد المزيد من المستوطنين".

فالعين التي كانت مقصدا للفلسطينيين في فصل الربيع، أصبحت اليوم مغلقة تماما أمامهم، وأمكن من خلال مقاطع فيديو بثها أحد النشطاء للمستوطنين حيث أحضروا مقاعد خشبية ووضعوها عند النبع.

وما تزال مياه عين الساكوت بالأغوار الشمالية تجري حتى هذه الأيام بانسياب يختلف من عام إلى عام، لكن العين التي تطل على الأراضي الأردنية بشكل مباشر، أصبحت "مسيجة بالاستيطان".

كلمات مفتاحية

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار