الموقف العربي بين ثقافة التضليل وغياب التعقيل

21 فبراير, 2020 07:18 مساءً
ا.د. محمد الشنطي
القدس عاصمة فلسطين/ دولة فلسطين

                          محاولة للفهم
    القدس عاصمة فلسطين - هجمة شرسة من الافتراءات والاتهامات تزايدت على نحو يفوق التصور ،بدأت بفرية بيع الأراضي وانتهت بالتخوين ، ونحن في غفلة من أمرنا ألهتنا زمرة من طلاب السلطة والراكضين خلف سراب التزوير الفكري و الديني ، وبلغ الأمر حدّ تجهيل الأجيال الفلسطينية بحقائق وطنية مبدئية ، ليس أقلها عدم معرفتهم بوقائع النكبة و أسبابها ووحدة الضفتين الشرقية و الغربية لتي أصبحت من المجاهيل التاريخية لدى قطاع عريض من الأجيال الصاعدة ، وقد قال لي أحد طلابي أتحدّى أن تكون هذه المعلومة معروفة لدى أحد من زملائي في الجامعة ، وقال لي آخر : أصبحنا نسلم بمقولة بيع الأراضي من كثرة ما اتهمنا به من زملائنا ومحيطنا العربي  بذلك ، ليس ثمة من يوعّي نشأنا من الفلسطينين بحقائق الأمور فكيف بالعرب ، وكيف ننحي باللائمة عليهم؟
    من هنا يمكن أن نتفهم سرعة الاستجابة لنداءات التطبيع من قبل شريحة من المثقفين العرب الذين ازدادوا جرأة على الرغم من الموقف العربي الرسمي الصلب - وإن تمت اختراقات هنا و هناك فهذا أمر يمكن فهمه و تداركه - ولكن المهم الشعوب ، هل نتركها عرضة للتضليل و الكفر بالقضية الرئيسة قضية العرب و المسلمين الأولى ، حتى أصبح البعض يتحدث عن المال الذي أغدق على الفلسطينيين و ضيعوه كما باعوا أرضهم ، و يتساءلون لماذا نحن معنيون بهم ، وشاع بينهم أن العرب ضحوا بعشرات الآلاف من الشهداء من أجل فلسطين في حرب عام 1948 ، ولم يعلموا أن كل ذلك جرى تزييفه و تضليل الشعوب عنه ؛ فلم يكن في أيدي اليهود عند قيام دولتهم المزعومة أكثر من 7% من فلسطين التاريخية وفقا لوثائق الأمم المتحدة ، منها أكثر من 4% اراض أميرية منحت للوكالة اليهودية التي أنشأها الصهاينة( حكومة ظل)  إبان الانتداب بوصفها أراضي أميريّة حكومية و أغلب الباقي بيع من قبل ملاك غير فلسطينيبين من عائلات لبنانية و سورية من كبار الإقطاعيين الذين كانوا يستحوذون على أخصب الأراضي ،  استولوا عليها في ظل الدولة العثمانية بسبب الضرائب الباهظة التي فرضها الإقطاع العسكري العثماني على الفلاحين الفلسطينيين فاضطروا إلى رهن أراضيهم للمرابين من هذه العائلات مقابل سداد مستحقات الضرائب ، ثم عجزوا عن الوفاء بتعهداتهم لهؤلاء المرابين فاستولوا على الأرض ، وحين جاءت الحركة الصهيونية بيعت هذه الأراضي بأضعاف أثمانها الحقيقية عن طريق سماسرة يعدّون على الأصابع قامت الهيئة العربية العليا الفلسطينية بقيادة المفتي الحاج أمين الحسيني بإهدار دمهم و قتل عدد منهم ، وتم تجريم و تخوين كل من يبيع أرضه لهؤلاء السماسرة .
     وأما الجيوش العربية التي دخلت إلى فلسطين فلم تكن تزيد في مجموعها عن سبعة عشر ألفا ،وكانت كتائب الجيش المصري لا يتجاوز عددها عشرة آلاف في أعلى  تقدير(دون التقليل من شأن بسالتهم و تضحياتهم) لا يملكون مركبات لنقلهم من العريش إلى فلسطين فاستأجروا باصات سياحية ، حوصر  جزء منهم في الفالوجة ،و لم يكونوا يملكون السلاح الذي تعهدت بريطانيا بتسليمه لهم ، وعقدت صفقات أسلحة فاسدة لا تصلح للقتال ،وهذا موثّق تاريخيا و من يشكّ في ذلك عليه أن يعود إلى ما قاله محمد حسنين هيكل في وثائقه المنشورة غلى اليوتيوب وكان مراسلا حربيا في فلسطين آنذاك ، ولديه وثائق وأرقام تفصيلية عما ذكرت ،فضلا عن كتاب مذكرات عبد الله التل قائد معركة القدس الذي أبلى بلاء حسنا في المحافظة على الجزء الشرقي منها ، ولم يمكن الجيش المصري الباسل من قتال العدو وتم حصاره و تقييد حركته بعد أن تفانى في الدفاع عن فلسطين وسقط منه العديد من الشهداء؛ و لكنه كان مكبّلا بالقيود ثم ينشر فيديو مفبرك  يقول أن الفلسطينين تنكّروا لدماء 82 ألف شهيد مصري في حرب 1948 .
ارجعوا إلى أطروحة صالح بويصير وزير خارجية ليبيا السابق (جهاد شعب فلسطين في نصف قرن) الذي أنصف فيها المجاهدين الفلسطينيين تحت قيادة الشهيد عبد القادر الحسيني ، وكيف منع الجيش العراقي من الزحف إلبى تل أبيب حين كانت الطريق مفتوحة أمامه بحجة (ماكو أوامر)
ارجعو إلى كتاب الشهيد السعودي البطل الذي اشترك في حرب فلسطين وعنوانه (افتراها اليهود وصدقها مغفلوالعرب) وفيه يتحدث بالأرقام عن هذه الفرية وعن جهاد شعب فلسطين.
إزاء ذلك كله يمكن فهم ما ينشر من أضاليل في مواقع التواصل الاجتماعي عن فلسطين و شعبها 
(للحديث بقيّة)

بقلم  ا.د. محمد الشنطي

الأخبار

فن وثقافة

المزيد من الأخبار